عبد الحميد حاج محمد |
“إلي بموت بيعطوا أهله ٨٠ ألف تركي” هذه الكلمات قالها شقيق أحد الشباب الذين توجهوا إلى أذربيجان برفقة القوات التركية بعد التوتر الحاصل بين كل من أذربيجان التي تدعمها تركيا، وبين أرمينيا التي تدعمها روسيا.
وقد تواتر الحديث عن عزم تركيا بسحب مقاتلين سوريين إلى أذربيجان التي تقف معها في حربها ضد أرمينيا التي تحتل ما يقارب 20 بالمئة من أراضي أذربيجان التي يغلب فيها المذهب الشيعي.
وكالمعتاد بدأ الموالون للجيش الوطني السوري بنفي هذه الأنباء التي تتحدث عن خروج مقاتلين سوريين إلى أذربيجان، وكانت المصادر نفسها قد كرست عملها لأشهر في نفي المصادر التي تحدثت سابقًا عن خروج مقاتلين من الجيش الوطني السوري إلى ليبيا للقتال بجانب حكومة الوفاق الليبية ضد قوات الانقلابي (حفتر).
(صحيفة حبر) عملت على البحث والتقصي من مجموعة مصادر خاصة بها، ووصلت إلى عدد من الشبان الذين ينوون الخروج وتوقيع عقود قتال للذهاب إلى أذربيجان مع القوات التركية.
الدخل المادي أولى اهتمامات الشباب
لم ينفِ الشباب الذين تواصلنا معهم رغبتهم الأولى في تحسين ظروف معيشتهم ومعيشة أهاليهم الذين أصبحوا دون مأوى بعد تهجيرهم ونزوحهم، لكن بحسب قولهم إن خرجوا فسيكونوا إلى جانب قوات الشيعة الذين استقدمهم الأسد لإخراجهم من أرضهم.
أحمد (اسم مستعار) من ريف إدلب مُهجَّر على الحدود السورية التركية، أجرى مؤخرًا معسكرًا تدريبيًا في صفوف قوات الجيش الوطني السوري وتحت إشراف القوات التركية، وذلك في منطقة ريف حلب الشمالي.
سماسرة لتجنيد الشباب…
يخبرنا (أحمد) أنه من خلال المعسكر تعرَّف على بعض الأشخاص في صفوف فصيل يتبع الجيش الوطني السوري رفض الكشف عن اسمه، أنه مع ورود الأنباء عن عزم تركيا نقل مقاتلين سوريين إلى أذربيجان تواصل أحد الأشخاص مع أحمد وعدد من الشباب الذين كانوا معه في المعسكر وأخبرهم في تفاصيل القصة، ورغَّبهم بأن هناك رواتب مرتفعة وميزات خاصة للمقاتلين السوريين، وأن الموضوع هو عبارة عن حرس لا أكثر ولا أقل.
ووفق ما قاله (أحمد) لحبر، فإن الشخص الذي يتواصل معه أخبره بأن العقد سيكون لمدة ستة أشهر، حيث سيقضيها أحمد في أذربيجان، ويبلغ الراتب الشهري للمقاتل مبلغ 8800 ليرة تركية أي ما يقارب 1150 دولارًا أمريكيًا، وسيقبض المقاتل راتب كل شهر خلال فترة إقامته في أذربيجان.
وقد تأكدت (حبر) من صحة المعلومات من خلال التواصل مع أحد الأشخاص الذين يعملون سماسرة، حيث بادرناه بسؤالنا عن العقود والذهاب، فكان ردّه: “نعم صحيح، بدك تسجل وتروح أرفع أسمك وصورتك، العقد ستة أشهر والرواتب شو من حصلنا بتاخد متلك متل غيرك”، وعن السفر أوضح أنه “قبل أيام غادر قسم من الشباب والقسم الآخر سيغادر في تاريخ 27/9.”
وبحسب عدة مصادر تواصلت معها (حبر) فإن الرواتب تختلف من فصيل إلى آخر، حيث يتم اقتطاع نسبة من راتب كل مقاتل يعمل في صفوف الفصيل، وتختلف تلك النسبة من فصيل لآخر، وهذه التفاصيل كلها كان معمول بها أثناء تجنيد الشباب للذهاب إلى ليبيا.
أما عبدو (اسم مستعار) شاب مُهجَّر إلا أن حاله يختلف قليلاً عن (أحمد) كونه يحمل أعباء عائلته وأطفاله، فبعد نيته الذهاب إلى أذربيجان أزال الفكرة وأبعدها، بعدما أدرك أنه يذهب إلى صفوف الشيعة الذين شاركوا في قتل السوريين، بحسب وصفه.
ووفق ما قاله، فإن “الشباب الذين عزموا الذهاب إلى ليبيا كانت لهم حجتهم أنهم يقاتلون إلى جانب حكومة شرعية ضد نظام طاغٍ انقلابي، أما اليوم لم أجد أي تأويل أو حجة لذهابي إلى أذربيجان.”
مغريات مادية بعد الموت!
وصلنا إلى عائلة شاب لم يتجاوز 17 عامًا، وقد سافر إلى أذربيجان بتاريخ 21/9 ولا معلومات عنه حتى اليوم، هل وصل إلى أذربيجان أم مايزال في الأراضي التركية؟ وهو ما يؤكد أن هناك دفعة من المقاتلين قد غادرت الأراضي السورية تجاه أذربيجان.
يقول شقيق الشاب إنهم اتفقوا مع أحد الفصائل العاملة في ريف حلب الشمالي، على عقد مدته ستة أشهر وبراتب شهري يبلغ 1400 دولار أمريكي، إلا أنه ليس متأكدًا منه، وهو ما يؤكد أن لكل فصيل تسعيرة خاصة به.
وقد قال لنا شقيق الشاب بين الجد والمزح أن من يموت في أذربيجان في فترة عقد القتال يحصل ذووه على 80 ألف تركي، أي ما يقارب 11 ألف دولار أمريكي، وبرر ذهاب شقيقه بأن العقد لا يتضمن أي قتال، إنما عقد شركة لحماية مصالح تركيا هناك لا أكثر ولا أقل.
غالبية المغادرين من الشباب الصغار
وكانت مصادر قد تحدثت عن نقل أول دفعة إلى أذربيجان تتضمن قرابة 300 مقاتل من مقاتلي الجيش الوطني السوري، وذكرت المصادر أن تركيا عندما قامت بإبلاغ الفصائل أخبرتهم أن المقاتلين سيذهبون إلى حماية مواقع حدودية.
وحسب المصادر التي أكدت لحبر أن غالبية المغادرين هم من الشباب الصغار الذين خضعوا لمعسكرات تدريبية مؤخرًا، وجُلهم من المُهجَّرين من شتى المناطق السورية، حتى أن بعضهم لم يشاركوا في القتال ضمن صفوف فصائل الثوار، إلا أن الرواتب المغرية دفعتهم للذهاب.
وقد أثار موضوع إرسال مقاتلين إلى أذربيجان غضب السوريين والناشطين، إلا أن البعض كان لهم نظرة مخالفة، فانتقدوا الجهات المسؤولة عن الوضع التي دفعت بعض الشباب بالذهاب مكرهين؛ وذلك بهدف تأمين لقمة العيش لعائلاتهم في ظل الظروف الصعبة.
وكان الآلاف من المقاتلين السوريين قد غادروا إلى ليبيا للقتال، وكان الهدف هو المبالغ التي يحصلون عليها، إذ تعدُّ طائلة بالمقارنة مع رواتب المقاتلين في الداخل السوري التي لا تتجاوز 50 دولارًا أمريكيًا، ولا تكفيهم لإعالة عائلاتهم.
وتحدثت مصادر محلية عن أن تركيا ترغب بإرسال المقاتلين السوريين إلى أذربيجان برفقة القاعدة العسكرية التركية التي تعزم تركيا إنشاءها على الحدود بين البلدين.
وتحتل أرمينيا ما يقارب 20 بالمئة من الأراضي الأذرية، حيث تضم تلك الأراضي خمس محافظات، بالإضافة إلى أجزاء غرب البلاد، وهو الأمر الذي تختلف عليه كل من البلدين، حيث وقفت تركيا إلى جانب أذربيجان، وقد وقعت مباحثات عسكرية بين الطرفين في تركيا وناقشا مشروع إنشاء قاعدة عسكرية تركية على الحدود في إقليم ناختشيفان.
وترجع المشكلة القائمة بين أذربيجان ذات الغالبية الشيعية وأرمينيا المسيحية الأرثوذكسية، إلى فترة الاتحاد السوفيتي، وتدعم روسيا أرمينيا، وبحسب مصادر فقد قامت بتجنيد الشباب في مناطق سيطرة نظام الأسد وأرسلتهم إلى أرمينيا على غرار ما فعلت في ليبيا حين أرسلت الشباب للقتال إلى جانب الانقلابي (حفتر)، في حين تجنِّد تركيا الشباب للقتال إلى جانب أذربيجان.