عبد الكريم الثلجي |
(أحمد الحميد) رجل أربعيني نازح في قرية العيس جنوب حلب، مصاب بورم في البنكرياس، ووضعه الصحي يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، ووضعه المادي سيء، وبعد معرفة حالته الصحية والمادية لعدد من الناشطين في بلدة العيس جنوب حلب، انطلقت منذ عدة أشهر مبادرة صندوق التكافل الاجتماعي، حيث قاموا بجمع التبرعات من أعضاء الصندوق، وتم شراء حقن لجلسة علاجية بتكلفة 6٠دولار.
فما هو صندوق التكافل الاجتماعي في بلدة العيس ودوره الحالي في النزوح؟
الصندوق أسسه مجموعة من الناشطين من كافة شرائح المجتمع في بلدة العيس جنوب حلب، وذلك في الشهر العاشر من عام ٢٠١٨، حيث يتم جمع تبرعات من ميسوري الحال والمغتربين والتجار والموظفين وأصحاب المحال التجارية لصالح الصندوق، ليقوموا بتوزيعه لاحقًا للفقراء والمحتاجين من مقيمين ونازحين، وذلك بسبب غياب دعم المنظمات الإنسانية الذي انخفض بشكل كبير في الفترة الأخيرة.
يقول (ربيع العكاش) أحد مؤسسي المبادرة لصحيفة حبر: “المبالغ التي يتم جمعها يتم توزيعها على الفقراء على شكل مبالغ مالية أو سلال غذائية، أو يتم فيها تأمين الخبز والمياه وغيرها من الاحتياجات الضرورية بحسب ما تحتاجه العائلة”.
وتابع العكاش قائلاً: “إن من مبررات إطلاق هذه المبادرة غياب المنظمات وخصوصًا في منطقة جنوب حلب، علمًا أن الناس عادوا إلى البلدة بعد نزوح دام ثلاث سنوات، بالإضافة إلى أن المزارعين لم يزرعوا إلا نسبة قليلة من أراضيهم الزراعية، وازداد الأمر حاجة إلى صندوق التكافل نتيجة نزوح عدد كبير من العائلات جراء الحملة العسكرية في مناطق شمال حماة وجنوب إدلب، وهذا أضاف أعباء كبيرة عليه، بسبب ضعف الإمكانيات، كون الصندوق يعتمد على جمع التبرعات، وهو مورد غير ثابت تتغير نسبته بين الفينة والأخرى.”
أشار (العكاش) إلى أنه ورفاقه يأملون من أعضاء الصندوق أن يستطيعوا سد جزء من الحاجة الكبيرة التي يعاني منها سكان البلدة من مقيمين ونازحين، حيث إنهم بحسب قوله، ينادون بشكل دوري ميسوري الحال من أبناء البلدة في الداخل أو المغتربين للوقوف إلى جانب إخوانهم الفقراء والمحتاجين، وخصوصاً في ظل النزوح الحالي.
وبحسب مؤسس آخر في الصندوق، فإنهم “يقومون بعد إحصاء ومعرفة الشرائح المجتمعية الأشد حاجة من مقيمين ونازحين، بتأمين المساعدة اللازمة من وافر الصندوق، وتختلف نوعية المساعدة بحسب احتياج العائلة، كالماء والخبز والعلاج والمأوى ..، وقد تكون جزئية أو كاملة، حيث إننا نقوم بشكل دوري بالبحث عن العوائل الأشد حاجة في البلدة وفق أولويات ومعايير يتم تحديدها ودراستها من قبل فريق الصندوق، ضمن سجلات وآليات منظمة يتم العمل من خلالها.”
وفي ظل الحملة العسكرية على ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، فتح المدنيون بيوتهم في قرى جنوب حلب بشكل مجاني للناس النازحين، حيث تم الإعلان عن وجود بيوت جاهزة للسكن على صفحات الإنترنت، في عدة مجالس محلية منها (بانس وبرنة وزيتان) جاء في الإعلانات إمكانية المجالس جاهزية الأهالي لاستقبال العوائل النازحة، ففي بلدة العيس، على سبيل المثال، لا يوجد أي شخص يأخذ آجاراً لقاء سكن أحد العوائل النازحة في بلدته، وذلك بحسب أهالي البلدة، حيث إنهم يعتبرون هذا الأمر جزءًا من التكافل الاجتماعي وعربون شكر لله أن منَ عليهم بعودتهم لبيوتهم بعد أن ذاقوا مرارة النزوح ثلاث سنوات.
تنتشر المبادرات المجتمعية التطوعية في مناطق الشمال السوري المحرر لمساعدة الناس المحتاجين، خصوصاً في ظل حملة النزوح الكبيرة التي شهدتها أرياف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي نتيجة الحملة العسكرية التي أطلقها قوات النظام بدعم مباشر من قبل روسيا، فهناك عدة مبادرات لإنشاء صندوق تكافل اجتماعي قد أُطلقت، منها في تل مرديخ وسراقب والجانودية في ريف إدلب، وقرية البوابية في ريف حلب الجنوبي.