أسعد الأسعد |
أوجاع وأحزان جديدة عصفت بالسوريين الذين ينتظرون عودة أبنائهم الذين فُقدوا منذ عدة أعوام في أقبية معتقلات نظام الأسد، وذلك بعد تسريبات صور قيصر التي أظهرت صورًا لجثث المعتقلين السوريين الذين قُتلوا تحت التعذيب في أفرع الأمن.
عدد كبير من العائلات في الشمال السوري المحرر تعرفت على جثث أبنائها عن طريق صور (قيصر) التي سُربت ، وكانت من تلك العوائل عائلة (جورية العلي) التي تبلغ من العمر 65 عامًا وتعيش في مخيم بالقرب من بلدة (معرة مصرين) شمال غرب مدينة إدلب.
(جورية) هُجرت وعائلتها من بلدة (حيش) شمال مدينة (خان شيخون) التي تقع جنوب إدلب بعد اجتياحها من قِبل قوات النظام.
روتْ (جورية) لنا قصة اعتقال ابنها الأكبر (محمد)، فقالت: “محمد ابني الكبير، قبل سبع سنوات قرر أن يذهب إلى الشام لكي يعمل هناك، ألححت عليه بألَّا يذهب، إلا أنه جاوبني بأن لديه أربع بنات من أين سيأمن قوتهنَّ وملبسهنَّ وهو الذي لا يملك إلا عمله، ذهب محمد و في أول حاجز لقوات النظام في مدخل مدينة (حمص) تم اعتقاله، وعند دفاع ابن عمه المرافق له عنه اعتقل هو أيضًا.”
وعن محاولاتها إخراج ابنها أضافت، “حاولت كثيرًا أن أبحث عنه في دوائر النظام وأفرع الأمن لكن لم أجده، وبحثت عنه في سجن (عدرا) و سجن (حمص)، لكن دون جدوى، كنت أذهب وزوجته للبحث عنه، وفي آخر مرة كنا في فرع (أمن الدولة) في الشام، وقد تعرض لنا أحد عناصر الأمن هناك وهددنا أن يقوم باعتقالنا إن رآنا مرة أخرى، فقررت أن أُسلم أمري وأمر ابني لله.”
وعن رؤيتها لصورة جثة ابنها محمد من بين صور (قيصر) المُسرَّبة، وكيفية التعرف عليه، قال جورية :” منذ أسبوع تقريبًا وأنا جالسة في خيمتي دخل إلي أحد أقاربي الذي يسكن في الخيمة المجاورة، ليقول لي: أليس هذا ابنك محمد؟ وأعطاني الهاتف لأشاهد الصورة، و إذ بابني محمد وعليه آثار التعذيب التي غيرت أغلب ملامحه، هم لم يعرفوه، لكنني أمه وأعرف دمه، فأنا التي حملته تسعة أشهر في أحشائي، كيف لا أتعرف عليه؟!”
لدى أم محمد ولد آخر من أبنائها في أقبية عصابات الاسد اسمه (أحمد) الذي بات مصيره مجهولاً بعد أن تم اعتقاله من المخفر الذي كان يعمل به أواخر عام 2013 بعد أن قام بإخبار رفاقه بأنه انشق عن صفوف النظام.
وعن قصة اعتقال(أحمد) يروي (عبد الرزاق العلي) شقيق المعتقل (أحمد: ” أخي الأصغر (أحمد) كان يعمل شرطيًا في أحد أحياء العاصمة دمشق، وفي أحد المرات قرر الانشقاق عن نظام الأسد والعودة إلى أهله في القرية، أخبر مجموعة من أصدقائه الذين يعملون معه، فتم اعتقاله في اليوم نفسه.”
وعن مصير (أحمد) تابع (عبد الرزاق): “بعد اعتقاله بسنة واحدة، اتصل أحمد بنا من سجن (عدرا) المركزي، وبعد ذلك زارته أمي وزوجته عدة مرات، إلا أنه و في آخر زيارة له لم يجدوه في سجن (عدرا)، وقد قال لهم المسؤولون هناك: تم نقله إلى سجن ثانٍ لم يفصحوا عن اسمه، وإلى الآن لم يُعرَف مصيره، ولم يُعرَف مكانه.”