بقلم : ابن الربيع الحلبيلقد فتحت زمرةٌ من الشعب هذا الباب على مصراعيه، ثمّ لـمّا استوى الفتح قام منها زمرةٌ رأتْ أنْ تكفي أهلها مؤونة حمل السلاح والذود عن الأرواح البريئة. نعم لقد فعلَتْ…وقد طال أمد هذا الحراك على مختلف أصعدته, ولعلّنا إذا ما عدنا إلى مبدأ الحديث نجد في طول الأمد هذا من الخير ما لم يُتَحْ لغيرنا من الدول لكن شرطُ هذا الإيجاد ما جاء في الحديث نفسه: “ولا يكون ذلك إلّا للمؤمن…”.إنّ من تمام الإيمان بالله سبحانه أنّ هذا الذي قدّره الله علينا إنّما هو الخير المبين، ولو لم نستَبِنْ بأبصارنا القاصرة كل جزئياته ودقائقه. وحين ننظر في النصوص المبدوءة بـ”مَنْ كان يؤمن…” و”مَثَلُ المؤمنين في توادهم…” وغيرهما، ثمّ نقيس ما نطبّق منها في حياتنا لاستشعرنا النقص والخلل الذي ينغّص علينا جنّة الدنيا قبل جنّة الآخرة (الإحساس بنعمة الإيمان بالله).وحين ننظر في جهة أُخرى- جهة ما نقيسه في هذه الظروف- في النصوص المشتملة على انعدام الفروق المادية وقيام هذا الأمر على التقوى التي لا يعلمها إلّا الله، التقوى فقط، ثمّ نقيس ما نقيّم الناس على أساسه لوجدنا ابتعادنا عمّا قرّر دينُنا وأمر ربّنا.وغير ذلك من أمور تجعلنا نشعر بجلاء أنّنا أمام فرصة ذهبية للعودة أو لمراجعة الحسابات واتباع سبيل الهدى والرشاد أو أن يستمرّ غوصنا من فساد إلى فساد.وإنّما ذكرتُ الإيمان لأذكّر بأنّ مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُحِبَّ لأخيه ما يحبّ لنفسه، وليَكُفّ عن المتاجرة بأقوات الناس متّخذًا إليها سُبُلَ الختل والمداورة وربّما السلطة (سلطة السلاح)، ولأذكّر بأنّ مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت، وليخشَ الله في أقواله، لا أن يقول – إذا أمِنَ – ما تهوى نفسه، ويهديه إليه جهله وقِصَر نظره عن عُقَدِ المرحلة الـمُعاشة، ثمّ يُخْرِس لسانه عمّا كان يدّعيه الحقَّ في حضرة مَنْ كان يعيبهم ويخذِّلهم.وذكرتُ الأساس في التفريق لأقف على جزئيةٍ أرى خطرها، وأرى الضرر في إهمالها الآن أكبر من إهمالها أو تجاهلها قبل أو بعد هذه الظروف. وهي الجزئيّة التي بدأت بها بعد حديث النبيّ…شعبٌ أعزلُ من كلّ شيء قام بقدرة قادر من رقاده الذي جثم على صدره عقودًا طويلة، قام استجابة لفطرته التي أوجده الله عليها، قام لكرامةٍ مهدورة بعد أنْ خصّ الله هذا الصنف من خلقه بها. فما بالنا إذا كان هذا المسلوبُ كرامتُه صاحبَ كرامةٍ تعدل الأولى أو تزيد عليها ألا وهي الإسلام؟ما بالنا نبخسه حقّه ونمرّ بما قدّم في سبيل هذا القيام من تضحيات جِسام؟وإذا سوّلت لأحدٍ نفسُه أنّ مَنْ حمل السلاح يفضُل مَنْ سواه فإنّه يتجاوز هذا التأصيل الذي أشرت إليه. فلولا قيام الشعب وبذلُه البذْل كلّه ما كان يمكن لهذا القادر على حمل سلاحه أن يقوم من رقدته فليحفظ لـمَنْ فتح له الباب هذا الجميل كما أنّ جُلّ الشعب الذي فتح الباب يحفظ له جميله في نجدتهم.فليكنْ التكامل هو ما يربط بين الجمعين أو الزمرتين لا التفريق والمفاضلة الظالمة.نحبّكم في الله، أيّتها الزمرة التي قامت لله، تدافع عن خلق الله، ومن تمام حبّنا ننصح لكم بما نحب لأنفسنا، ونذكّركم بـ”هي لله… لا للسلطة ولا للجاه” وبـ”قائدنا للأبد سيدنا محمد” فاحفظوا العهد وسيروا على النهج، ولا تقعوا في أخطاء مَنْ نهضتم لإزالته فتزِلَّ قدمٌ بعد رسوخها- والزّلل بمَنْ حمل لواء الإسلام قبيح- اذكروا أنّ القوة ليست في السلاح- فإنّه لم يحمِ هذا المجرم من أنامل الأطفال- لكنّ القوّة في الحقّ.