زاهر عز الدين |
العبادة هي الغاية التي من أجلها خُلق الإنسان، قال تعالى: “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” وبالتالي على كل مسلم أن يسعى لمعرفة مفهوم العبادة وكيفيتها، ومن ثم أدائها على وجهها الصحيح ليحقق غاية وجوده.
أما العادات والتقاليد فهي أعراف تتوارثها الأجيال لتصبح جزءًا من عقيدتهم، وتستمر ما دامت تتعلق بالمعتقدات على أنها موروث ثقافي، وهي بمنزلة نظام داخلي لمجتمع معين.
لكن العبادة عند بعض المجتمعات في وقتنا الحاضر، أصبحت ضمن إطار وراثي بعيد عن الاستناد الصحيح إلى دليل من القرآن والسنة، أي يُطبق بالفطرة وعلى سجية مطلقة، والأخطاء تكرر نفسها ونحن نُعيد صياغتها، على مبدأ “هكذا كان يفعل أبناؤنا وأجدادنا” فتراهم يكررون الحديث عن العادات والتقاليد الاجتماعية لما لها قدسية خاصة، فيتم تداولها بالمجالس والاجتماعات بشكل مكثف، بل إنها تُدرس علميًا لأجل المعرفة وفلسفة الكلام والقدرة على الانتقاد وحفظ التاريخ المجتمعي وجغرافية المنطقة وآداب الحديث، لكن في الوقت نفسه علينا بذل المجهود الفكري نفسه في بناء قاعدة دينية ثابتة قويمة، وتقوية العقيدة لنرتقي بأنفسنا ونكون أهلاً لهذا الدين القويم، إذ إنه من غير المنطقي أن نكون حافظين للعادات والتقاليد في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى، ولدينا ضعف في معرفة أسس وركائز ثقافتنا الإسلامية وعدم تطبيقها .
ومن آثار ظاهرة الاهتمام بالعادات والتقاليد على حساب القاعدة الدينية سلبيات عدة نذكر منها الأخطاء والمخالفات في الدين، كالأخطاء في العقيدة مثل (وصف القدر بالشر، وسب الدين للجمادات مثل القلم والورقة، وسب الدهر، والتسخط في المصائب، وطلب المدد من الرسول..) كل تلك الأقوال يتداولها الناس في أحاديث عابرة ولا يلقون لها بالاً، وثمة أخطاء أخرى شائعة في الصلاة والصوم والدعاء… وجاء في هذا السياق حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ربَّ كلمة لا يلقي لها العبد بالاً تهوي به في النار سبعين خريفًا ” أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح، وهذا خطأ جسيم يوقعنا في الإثم عن عدم معرفة.
ومن ذلك أيضاً الحمية الطائفية في الاقتتال وإن كانت الطائفة على خطأ فيضيع الحق في براثن الباطن، وذُكر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: «تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ»
وكذلك نجد منع الإناث من إكمال التعليم، وهذا خطأ فادح أيضًأ مرد إلى العادات، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لأحدى الصحابيات وكان اسمها الشفاء «أَلَا تُعَلِّمِينَ هَذِهِ، يُرِيدُ حَفْصَةَ زَوْجَتَهُ، رُقْيَةَ النَّمْلَةِ كَمَا عَلَّمْتِهَا الْكِتَابَةَ؟»
فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يريد النساء أن يتعلمنَ الكتابة وغيرها من الأمور التي تفيد المجتمع.
مع ذلك لا ننفي وجود عادات وتقاليد صحيحة حسنة، كإكرام الضيف والنخوة والمروءة والشهامة، ومن الواجب الحفاظ على ثقافة تلك العادات واحترامها في الأمور الإيجابية التي تعزز كرامة الإنسان وحريته، والحذر من الأمور السلبية التي تتناقض مع ما جاء به الإسلام كثقافة حاضنة للبشرية جمعاء.
صفوة القول: إنه لمن الجهل إلمامنا المعرفي التام بضوابط المجتمع والعادات والتقاليد على علاتها، وجهلنا بثقافتنا الإسلامية الراقية والرائعة.