عبد العزيز العباس |
لماذا هذا العنوان الغريب بين ندى الفتاة ذات الأصول اليهودية وأحمد الشاب المسلم؟! تنعقد خيوط رواية (في قلبي أنثى عبرية) بقصة حب غريبة مثل عنوانها، فأحمد شاب مسلم لبناني يعمل سراً مع المقاومة في جنوب لبنان يتعرض لحادث، ومن ثم يحمله صديقه معه في السيارة لإسعافه فيضطر حسان صديق أحمد لطرق أحد الأبواب للاختفاء والتداوي، فتفتح ندى الباب وتستدعي ميشيل أخوها لمعالجة أحمد في المستودع بدون علم أهلها.
جذوة الحب تشتعل بين أحمد وندى، فيرسل أهله لخطبتها ويوافق زوج أبيها جورج على الزواج لكنّ أمها اليهودية سونيا تعارض لكنها تستجيب بعد موافقة ندى والأب جورج، لكنّ الرياح تجري بما لا تشتهي السفن يختفي أحمد في ظروف غامضة لمدة 4 سنوات لنكتشف أنّه فقد الذاكرة وغيّر اسمه إلى جون وقد عاش لمدة عامين عند مزارع سمّاه باسم جون، يبدأ جون بالبحث عن ماضيه، عن أحمد خطيب ندى وحبيبها، عن صديقه حسان وعن أهله، ويستطيع بمساعدة أحد الناس في صيدا تذكر اسمه وهو أحمد، ليتفاجأ بأنّ حسان صديقه العزيز على قلبه قد خطب ندى لماذا وكيف؟!
كان أحمد قبل اختفائه قد أهدى ندى نسخةً من القرآن الكريم وكتابًا عن السيرة النبوية، تبدأ ندى بالتعرف على القرآن الكريم والسيرة النبوية بمساعدة الفتاة القادمة من جزيرة جربة التونسية وهي ريما بعد أن طردها البيت الذي ترعرعت به بيت جايكوب اليهودي، لتسكن مع عائلة ندى اليهودية أيضًا، تنجح ريما الفتاة المسلمة في هداية قلب ندى إلى الإسلام فتعلن ندى إسلامها فتطردها أمها من البيت بعد أن أسلمت، أمّا ريما فقد ماتت في القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان.
يعود أحمد ليجد أنّ حسان صديقه قد خطب ندى لأنّه ظنّ أن أحمد قد مات، لكنّ ندى لم توافق على طلب حسان وكانت تكتب الرسائل إلى خيال أحمد من باريس وتونس ولبنان بعد أن طُردت من بيتها لإعلانها إسلامها، وشكرته على هدايته لها إلى الإسلام، وعلى غرار نهايات الأفلام المصرية القديمة يتزوج أحمد وندى بكل سهولة.
ماذا تريد الكاتبة التونسية خولة حمدي أن تقوله؟ استطاعت الكاتبة التواصل مع ندى التي كانت تحكي قصتها الحقيقية على مواقع التواصل الاجتماعي، فخرجت لنا برواية حصلت على جائزة (كتارا) للرواية العربية ولكن ماذا وراء هذه القصة الحقيقية التي بُنيت عليها الرواية؟
التسامح الديني هو بين أفراد يعيشون تحت حماية قانون يحفظ حقوق الأقلية والأكثرية ليس بين أفراد ينتمون إلى أحزاب وطوائف مختلفة تجري بينها معارك بالأسلحة الثقيلة.
إذا كان هناك بين المسلمين والمسيحيين واليهود ناس يؤمنون بالتسامح الديني وهم قلة قليلة جداً ليس لهم تأثير على غيرهم، وهنا بالغت الرواية في تصوير الواقع بشكل وردي يُبعد المتلقي عن الواقع القتيم، قد تكون هذه الأحداث حقيقية حصلت لكن كان تحويلها إلى عمل روائي بطريقة مبالغ بها، والأهم من ذلك إذا كان الخلاف فقط بين الأديان السماوية الثلاثة فقط في بعض التفاصيل لماذا حصلت كل هذه الحروب وماتزال مستمرة؟
من عيوب الرواية كثرة الشخصيات وتصوير أنّ كلّ المشاكل سوف تُحل بمجرد التسامح الديني، وهذا فيه مبالغة واضحة بعيدة جداً عن الواقع.
يمثل زوج أم ندى الأب جورج التسامح الديني، فهو مسيحي متزوج من سونيا اليهودية وقد ساعد ندى ووقف في صفها عندما أسلمت.
سونيا يهودية تزوجت من سالم رجل مسلم، لكنّها تطلقت وهذا ساهم في خوفها من المسلمين قد تؤدي تصرفاتنا إلى التنفير منا خاصةً في العلاقات الحاسمة مثل الحب والزواج والعمل، مشكلة سونيا التعميم وهو خطأ على كل حال.