نوال بالوش |
شهدت أسواق مدينة إدلب بالأمس القريب إضرابًا شبه كامل لمحال الصاغة والصرافة، ومحلات بيع الألبسة وسوق الجوالات؛ بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وغياب الرقابة من الجهات المسؤولة عن جميع الواردات والصادرات، ومراقبة حركة الأسواق والحدّ من التلاعب بأسعار العملات، وذلك بعد استبدال الليرة السورية واعتماد العملة التركية في التعامل، التي أصبحت بفئاتها الورقية والمعدنية متاحة بالأسواق وفي محلات الصرافة، وبكميات كبيرة في (بنك شام) وسط المدينة، ليتم التعامل بها من قبل أفراد المجتمع، كأحد الحلول المقترحة للتخلص من انهيار العملة السورية.
يحمل (أحمد زيدان) عملتين مختلفتين في جيبه عند نزوله إلى السوق لشراء حاجاته، تحسبًا لطلب البائع العملة التي يعتمدها، سوءًا الليرة السورية أو التركية، لكن لم تكن هذه الخطوة على أرض الواقع منصفة بالنسبة إلى المواطن، إذ يقول المُهجر(زيدان) من ريف دمشق، وهو عامل بأجرة يومية في أحد مطاعم مدنية إدلب: “إلى الآن أتقاضى أجرتي بالليرة السورية وهي 3 آلاف ليرة في اليوم، أي ما يعادل دولارًا واحدًا، مع أن صاحب المحلات يبيعون الزبائن بالليرة التركية، لكن صاحب المطعم لم يعطِ العمال أجرتهم بالعملة التركية كما يجب أن يكون. ”
تراوح سعر صرف الليرة التركية بين 320_ 400 ليرة سورية في الأيام الماضية، لكن السعر يختلف بين محلات الصرافة وبين الباعة في السوق، حيث يحسب البائع للزبون سعر الليرة كما يناسبه ليحقق المزيد من الربح.
ويرى (أحمد) أن “إدخال التعامل بالليرة التركية، وسط غياب الرقابة وضياع حقوق العمال وعدم وجود نقابة لهم، أدى لوجود فَرق في العملة أفضى إلى التلاعب بالأسعار مع خلق ضائقة مالية كبيرة عند أغلب الأهالي. “
إن كثيرًا من العمال يأخذون أجرتهم بالليرة السورية وبأقل ممَّا يجب أن تكون، ويشترون حاجاتهم بالعملة التركية ويدفعون فَرق التصريف من جيبهم، وفي كل مرة يخسرون مبلغًا إضافيًا،
توضح تجربة الأيام القليلة الماضية أن المستفيد من تبديل العملة هم الصرافون وأصحاب المحال التجارية، هذا ما أكده الحاج (أبو موفق) الذي تجاوز الستين عامًا، حيث قال: “أُصرّف باليوم أكثر من مرة أحيانًا للتركي، أو أحيانًا للسوري، وبالحالتين أنا الخسران، لأن البائعين يطلبون العملة التي تناسب مزاجهم.” ثم تابع: “كل واحد ببيع عكيفو” في إشارة منه إلى عدم التزام الجميع بسعر واحد وثابت، وأكد أن البائع يحسب ثمن السلعة على السوري ويقسمها على التركي، وبذلك يحقق مكسبًا دون وجه حق.
من جهة أخرى يرى بعض الناس أن الوضع الاقتصادي سيكون أفضل إذا تم التعامل بالليرة التركية والاستغناء الكامل عن الليرة السورية، وقد تشهد الفترة الحالية تلاعبًا بالأسعار وفوضى كبيرة في البيع إلى أن يعتاد الجميع على العملة الجديدة.
وهذا ما أكدته (أميرة) 44 عامًا، وهي صاحبة محل لبيع الألبسة في سوق المدينة بقولها: “سيعتاد الناس تدريجيًا على التعامل بالليرة التركية، والتعامل بها سيحد من الخسارة عند هبوط العملة السورية، فخسارتنا كانت أكبر عندما كنا نشتري البضاعة بالدولار ونبيعها بالسوري، ففرق العملة كبير، والزبون يُفاجَئ من ارتفاع الأسعار، أما الآن فالوضع أفضل قليلاً؛ لأن الليرة التركية مستقرة بالنسبة إلى الدولار.”
وأشارت بحديثها إلى قيام بعض رجال التموين، بجولة لتفقد الأسواق والمحال التجارية بشكل متقطع؛ ومراقبة الأسعار وفرض غرامة مالية تصل إلى 100 دولار على كل من يخالف التسعيرة المحددة، فالمسألة تحتاج وقتًا ليس إلا.”
ينتظر أغلب من التقيناهم من الأهالي أن يستقر الحال باعتماد العملة التركية فقط، وعدم التأرجح بين العملتين للخلاص من تدهور الليرة السورية.
يذكر أنه بعد دخول قانون قيصر حيز التنفيذ، وفرض عقوبات على النظام السوري أثرت بشكل مباشر على المناطق المحررة في الشمال، ازداد الوضع الاقتصادي سوءًاً بارتفاع صرف الدولار وانخفاض الليرة السورية، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية أضعاف ما كانت عليه.