عبد الملك قرة محمد |
لن أتحدث عن (قسد) بوصف تلك الميلشيا كياناً انفصالياً أو عصابة ترغب بحكم سياسي ومقاعد برلمانية أو عن الدور الذي تقوم به في المسألة السورية.
ما يظهر للعامة من اسم قوات سورية الديمقراطية أنها مجموعات تسعى لترسيخ الديمقراطية والبحث عن العيش المشترك تحت سماء سورية التي تجمع السوريين، يغلب عليها الطابع الكردي، ولها علاقات إستراتيجية مشبوهة وغامضة مع أمريكا وروسيا، وأخيراً تسربت اجتماعات جمعت قادة من قسد مع قيادات عسكرية في دول عربية.
ربما هذا كل ما نعرفه عن (قسد) لكن من أين تأتي بمواردها الاقتصادية؟، وبمن ترتبط اقتصاديًا؟، وما طبيعة الزراعة التي تشجعها قسد؟ وهل ما زالت ترتبط مع النظام بشكل مباشر وتشاركه السيطرة على حقول النفط؟!
زراعة الحشيش:
تشجع (قسد) زراعة الحشيش وتجارة المخدرات في مناطقها لسببين رئيسين: أولهما العائد الاقتصادي، والآخر أنها تستخدم هذه الزراعة لجذب الشبان للتجنيد الإجباري عن طريق السماح لهم دون قيود شرط الولاء لها.
وتنشر زراعة الحشيش في دير الزور والرقة كما غدت في عين العرب كأي زراعة أخرى لها موسمها وتباع في المتاجر والصيدليات دون قيد ولا مساءلة.
وبحسب تقرير أعدته وكالة الشرق، فإن سعر الهيروين في الرقة بلغ 15 ألف ليرة سورية للغرام الواحد، وحبوب الترامادول بـ 500 ليرة سورية، والكوكائين بـ 175دولار والكبتاغون بـ 500 ليرة للحبة الواحدة، والمورفين بـ 300 دولار للغرام.
كما أن أكثر المدمنين على المخدرات هم الشباب الذين ينتسبون لـ “الوحدات الكردية” بالإضافة إلى الشبان والشابات (بين الـ 15 والـ 25عاماً) الراغبين بالانتساب إليها، لأنها توفر لهم حماية وتسهل مرورهم على حواجزها.
سرقة الثروات واحتكارها
تسيطر (قسد) على معظم حقول النفط في سورية بعد إخراج داعش منها، وتعاني هذه الحقول من أضرار كبيرة نتيجة قصف التحالف لها على مدار خمس سنوات.
ولقسد دور الوصي على الحقول التي يُستخرج منها النفط ليصدر إلى نظام الأسد علناً ليتم نقله بعدها إلى مصافي بانياس وحمص.
كما أن هناك حقول مخصصة لتزويد النظام بالنفط، ويمنع البيع لأي جهة أخرى، ومنها حقل الحماد الذي يُنتج منه 2000 برميل يومياً.
بالإضافة إلى احتكار (قسد) المازوت، إذ تفرض على التجار أن يكون المازوت المستخرج لها فقط كي تُعيد بيعه بأسعار مرتفعة.
كما وقعت وزارة النفط التابعة لنظام الأسد، مع شركة كندية، عقداً لصيانة أنابيب نقل النفط في مناطق سيطرة (قسد)، وتبلغ مدة العقد 6 أشهر.
في المقابل، ستحصل “قسد” على الكهرباء والخدمات في مناطق سيطرتها، إلى جانب تمكنها من أخذ حاجتها النفطية من الآبار.
وتشهد مناطق (قسد) احتجاجات يومية نتيجة ارتفاع سعر المحروقات خاصة المازوت رغم ضخامة الإنتاج؛ ويعود السبب إلى تحكم قيادات (قسد) بالعائدات الاقتصادية ورفع الأسعار لتحقيق مكاسب أكبر دون الاهتمام بالسكان العرب أو حتى الأكراد الذين تقدم (قسد) نفسها على أنها راعية لحقوقهم!
ولا تتوقف السرقة عند الثروات الباطنية، بل إن إطلاق (قسد) ليد عناصرها يدفعهم إلى ارتكاب جرائم بحق المدنيين دون محاسبة ممَّا يدفع الشبان العاطلين عن العمل والمجرمين للانضمام إليها وتأمين وضع اقتصادي أفضل من خلال تعفيش منازل النازحين.
الإتاوات الباطلة
تفرض (قسد) إتاوات على المدنيين الراغبين بالعودة إلى منازلهم في دير الزور بعد إخراج داعش، كما تُعد الرسوم التي تفرضها نقاط التفتيش على المعابر مورداً مهماً لها، إذ تفرض رسومًا على كل السيارات التي تدخل مناطق النظام أو المعارضة.
وترتفع أسعار البضائع التي تمر من مناطق سيطرتها نتيجة فرضها لإتاوات مرتفعة جداً أو قيامها بإغلاق المعابر ومنع المحروقات من دخول مناطق المعارضة.
وبعيداً عن الإتاوات التجارية تفرض قوات سورية الديمقراطية ضرائب كبيرة على المدنيين في دير الزور والرقة والمناطق الأخرى رغم إهمالها لجميع الجوانب الخدمية وعلى رأسها التعليم في أسلوب يحاكي أسلوب داعش في التضييق والابتزاز.
قسد ليست ديمقراطية ولا وحدات شعبية، هي كيان يمتهن السلب تُربيه أمريكا وتُنميه على حبّ المكاسب واجترار الدعم، ومن المستحيل أن يكون له مكان في الدستور القادم، خاصة أنه لم يقدم أي رؤية مستقبلية واضحة أو نهج سياسي لا سيَّما وهو يقبع تحت مظلة الأسد.