منذ فترة ليست بالطويلة صار الشغل الشاغل لغالبية ثوار مدينة حلب هو من يستحق تمثيل ثورتهم في الهيئة العامة لمجلس المدينة والمحافظة، ودار جدال طويل انخرطت في بعض أجزائه، حول الأحقية في ذلك، هل تكون لمن سبق وكان من الثوار الأوائل أم لمن صدق وثابر وخدم الثورة بإخلاص حتى وإن انضم متأخراً .
لم يحسم الجدال، ولن يحسم في القريب العاجل، ربّما لأن كلا الفريقين لديه الحجج التي يرى أنها مقنعة للانتصار لرأيه، ولكن بعيداً عن حجج الفريقين، وبعد أن مرّ تشكيل الهيئة العامة بطريقة من الطرق التي توافق عليها الغالبية، يخطر في بالي تساؤل ربما يساعد في فهم موطن الخلاف في مستقبل قريب
هل الثورة قضية نضحي من أجلها أم مهنة نرتزق منها، وإلى مدى استطعنا الحفاظ على كونها قضية أمام تحديات الواقع من حولنا، سواء من ناحية صعوبة المعيشة أم المتغيرات السياسية الدولية التي أصبح تأثير السوري فيها يكاد يكون صفرياً .
للإجابة على هذا التساؤل علينا أن نعود كثيراً إلى الوراء، عندما انطلق الشباب ثائرين لكرامة وطن أثخنته سياط الظلم والذل، لم يكن وقتها يأبه لما سيحدث في الغد، كل ما كان يهمه هو أن تبقى ثورته مشتعلة حتى تحرق النظام وتحقق أهدافها . لم يكن هناك مجالس في الأفق، ولا حتى مناصب أو منظمات دولية أو أنواع من العملات الأجنبية التي تطرح في السوق لإغراء الشباب بتبني مواقف معينة ولعن أخرى، إيضاً لم يكن هناك أي دوافع إيديولوجية واضحة لمعظم الثوار، لم يكن هناك فرق في من يمكن أن يمثل الثورة، إذا كان أميناً وقادراُ على تحقيق أهدافها. كان الجميع مستعد للموت في سبيل الأهداف الكبرى بعيداً عن كل الانحيازات الصغيرة يميناً وشمالاً .
ثم بدأت الحاجة لمن يقوم على الخدمات في المناطق المحررة فتصدى الجميع لها بدافع الواجب، لا بدافع السلطة، وشيئاً فشيئاً بدأت المغريات تظهر في الطريق، تغيرت معظم المعاني القديمة وتحورت لتلائم الحس الوطني الجديد … ولا أريد هنا أن أدخل في تفاصيل كثيرة .
لم تعد البوصلة هي الهدف وحده، صار هناك من يرى أنه وحده المعني بتحقيق الهدف، أو ربما المعني بالاستفادة من تضحيته، صار هناك لصوص هم أجبروه على ذلك كما يقول، فلا يجب أن تسرق التضحية، حتى لو لم يكن قادراً على تحقيق الهدف، تحولت التضحية إلى مرتكز يبنى عليه بعد أن كانت وسيلة للوصول لهدف بذلت من أجله الدماء الصادقة من الرفاق والأهل .
سأنتهي هنا .. لأني أظن أن الصورة صارت واضحة، إذا كنا نريد العودة حقاًن دعونا نركز على الأهداف من جديد .. الأهداف فقط، وليس شيء آخر، ولتكن خياراتنا هي الطرق الأقصر لتحقيقها .
المدير العام / أحمد وديع العبسي