ما إن توقف المطر اجتمعت الأسرة بأكملها للذهاب إلى أرض الزيتون لبدء القطاف، ولك أن تستمتع بحبات الزيتون وهي تتساقط على القماش مصدرة أصوات متناغمة يتخللها أحاديث الأسرة فيما بينهم أثناء العمل، إذ إن موسم قطاف الزيتون يطلق عليه “موسم التعاون” لاجتماع الأهل والأصدقاء لمساعدة صديقهم في جني محصوله ليرد لهم المساعدة عند بدئهم بقطاف محصولهم، ممَّا يعطي موسم قطاف الزيتون جوًا من الألفة والمحبة والفرح خصوصًا عند انقسامهم لمجموعتين ليسود جوُّ المنافسة في القطاف.
وهكذا هي الأجواء في هذه الأيام من السنة في الشمال السوري عامة، فالفلاحون يبدؤون بجني محصول الزيتون الذي يشهد هذا العام ارتفاعًا ملحوظًا بزيادة كبيرة عن العام الفائت، وإلى ذلك يشير المزارع (أبو أحمد) من كفر سجنة بريف إدلب بأنه يعود إلى الرعاية الكبيرة من قبل المزارعين، من خلال تقليمهم الأراضي وحراثتها وسقايتها.
وأضاف: “جاء موسم الزيتون لهذه السنة وفيرًا حاملاً معه بشائر الخير والعطاء، فعملنا على تجهيز مداد بلاستيكي أو قماشي أو ما يسمى بلسان أهل البلدة (مداد الزيتون) لنجني من خلاله ما رزقنا الله من الشجرة المباركة.”
وقد تحدث المهندس الزراعي (س) الذي رفض الإفصاح عن هويته لأسباب شخصية عن الموسم بقوله: “رغم تحسن الإنتاج هذا العام إلا أن ثمة تدخل من قبل بعض المجموعات التي تسيطر على إدلب بغير وجه حق، إذ إنها تتحكم بمزارعي الزيتون وتسطو على مساحات كبيرة من أملاك الأهالي، وقد ساهمت بشكل كبير بإضرار الكثير من المزارعين، ما أدى إلى خسائر طالت مساحات الزيتون المزروعة نتيجة عدم معرفتهم بالاعتناء بالأشجار.”
أما بالنسبة إلى المعاصر فثمة عدد كبير منها منتشرة في مناطق زراعة الزيتون، وقبل اندلاع الثورة كان هناك نحو 1086 معصرة موزعة على المناطق المختلفة للإنتاج، وكان ثلثا هذه المعاصر يعمل بتقنية الطرد المركزي، والثلث يعمل بتقنية الضغط (معاصر المكابس)، أما اليوم فإن عدد المعاصر انخفض بنسبة 90% وفق تقديرات المزارعين.
سعر كيلو الزيت
مشكلات الموسم لا تتوقف رغم وجود إنتاج وفير، فعلب التخزين الخاصة بالزيت زادت مع غلاء الأسعار، و ارتفعت كلفة نقل الزيتون من الحقل إلى المنزل ثم إلى المعمل ثم إلى المنزل بعد عصره، حتى لجأ البعض إلى بيعه في المعصرة بأسعار زهيدة لعدم توفر تكاليف النقل، وحاليًا حيث يُباع كيلو الزيت ما بين 1200 إلى 1500 ليرة سورية، ويعد غالي الثمن ويرى المزارعون أنه كان يجب علاج مشكلة الارتفاع قبل أشهر من موسم القطاف، بطريقة مشابهة لعلاج مشكلة نقل القمح وتسويقه، حيث تم وقتها شراء القمح من المزارعين في كل من إدلب وحلب لمنع بيعه لمناطق النظام.
وكان للزيتون قبل الثورة السورية أهمية اقتصادية كبيرة، حيث يساهم بنسبة 1.5-3.5% من قيمة الدخل الوطني، و5-9% من قيمة الدخل الزراعي حسب السنة، ويشكل قطاع الزيتون مصدر رزق لشريحة واسعة من السكان بسورية بنحو 400 ألف عائلة.
الجدير بالذكر أن الشمال السوري المحرر يشهد أمانًا منذ بداية الشهر الماضي بعد اتفاق سوتشي على إقامة منطقة عازلة بين المعارضة والنظام.