قلعة أفاميا أو قلعة المضيق، اسمان لمعلم حضاري واحد يكتسب أهمية تاريخية تعود إلى عدة عصور خلت من تاريخ سورية. حيث تعتبر من أهم المعالم الأثرية التي كانت في فترة ليست ببعيدة مقصدَ الآلاف من السياح من مختلف أصقاع الأرض لما تحمله من إرث حضاري ثمين. تقع قلعة أفاميا على بعد حوالي 60 كم من الشمال الغربي من محافظة حماة، وتتربع على هضبة صخرية نهاية جبل شحشبو من الناحية الجنوبية، وتشرق بجمالها على سهل الغاب من الشرق.
من أهم المعالم الأثرية فيها المتحف الأثري الذي يضم عدداً كبيراً من لوحات الفسيفساء التي جُمعت من القلعة ومن العديد من المواقع الأثرية الأخرى، وتبلغ مساحته حوالي 7 آلاف متر مربع، ويعتبر خاناً لاستقبال الحجاج والمسافرين بناه السلطان العثماني ” سليمان القانوني ” في أوائل القرن السادس عشر، وفي وسطه ساحة كبيرة يحيطها العديد من الغرف.
أما المؤسس الأول لقلعة ” أفاميا ” فهو الملك “سلوقس نيكتاروس” أحد قادة الإسكندر المقدوني في عام 301 قبل الميلاد، الذي أسس أيضاً مدينة أنطاكيا وجعلها عاصمة مملكته. وعند العودة إلى تاريخ “أفاميا ” نجد أنها خضعت لحكم الكثير من الملوك في عصور عدة ابتداء من الرومان ثم البيزنطيين ثم الفتح الإسلامي بداية القرن السابع الميلادي، حيث بدا الاهتمام بها وشُيد حصناً فيها خلال العصر العباسي.
تعرضت القلعة لزلال مدمر خلال القرن الحادي عشر للميلاد غير ملامحها وشوه صورتها، فأعاد ترميمها الملك ” نور الدين الزنكي ” وأخيراٌ وفي العهد العثماني أهملت ” قلعة أفاميا ” إهمالاً كبيراً ما جعل الناس يتخذونها مسكناً لهم، ومع ارتفاع عدد سكانها بدأ الانتشار في الأجزاء السفلية منها حتى أصبحت اليوم تعتبر بلدة كاملة تحمل اسم ” قلعة المضيق “
وكغيرها من المعالم الأثرية لم تسلم القلعة من بطش آلة النظام، حيث كانت هدفاً للقصف اليومي من المدفعية الثقيلة، ما تسبب بدمار الكثير من المعالم بداخلها، إلى أن اتخذت منها قوات النظام ثكنة عسكرية في منتصف العام 2012 حيث تعتبر الآن نقطة عسكرية ذات استراتيجية مهمة لقوات النظام، فهي تطل على سهل الغاب في ريف حماة الغربي والشمالي، ويتمركز فيها عدد كبير من الدبابات والآليات العسكرية والجنود، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل قامت قوات النظام بسرقة ونهب الكثير من القطع الأثرية التي كانت موجودة فيها.
رغم كل ذلك ستبقى ” أفاميا ” شامخة وشاهدة على تخاذل العالم الذي لم يتحرك لحماية المعالم الأثرية إلا بقليل من الاتفاقيات والمعاهدات التي يضرب بها الأسد عرض الحائط.