عبد العزيز العباس |
يسافرُ إسماعيل من مصر إلى ألمانيا لدراسة طب العيون، ليجد بعد عودته أنّ أغلب سكّان الحي الذي كان يعيش فيه قد أصيبوا بالعمى أو الرمد، أو أنّ عيونهم أصيبت بمرضٍ لا يعرف ما هو، يسأل أهله عن خطيبته (فاطمة النبوية) التي أصيبت بنفس هذا المرض، فيزداد حيرةً لكنّه بعد البحث وسؤال أهله يخبروه أنّ الناس المصابين بهذا المرض كانوا يتعالجون بعلاج زيت يأخذونه من قنديل أم هاشم، ما هو هذا الزيت وما هي فوائده؟
إسماعيل يعيش في حي السيدة زينب في مصر الموجود فيه جامع السيدة زينب الذي يأتيه الناس للتبرّك والعلاج في مقامٍ يدعى مقام (السيدة زينب) إذ يوجد فيه قنديل مبارك يأخذ الناس من زيت هذا القنديل المبارك ويدهنون به عيونهم لعلّها تُشفى من الرمد وأمراضٍ أخرى.
بعد اكتشاف إسماعيل سبب المرض، يبدأ صراع بين الخرافة والعلم بين ما تعلّمه في ألمانيا لمدة 7 سنوات وبين الخرافة التي تسيطر على عقول البسطاء من سكان السيدة زينب، يقرر إسماعيل معالجة خطيبته فاطمة النبوية بمرهم وقطرة قبل أن تفقد بصرها بعد أن دهنتهما بزيت قنديل أم هاشم المبارك.
في الأحياء الشعبية البسيطة يحاول إسماعيل أنْ يفتح عيادة لطب العيون يعالج بها الناس من الأوهام قبل الرمد، لكن هيهات، يقوم أهل الحي بضرب إسماعيل وسحله لأنّه اعتدى على قنديل أم هاشم المبارك وطالب بكسره.
كيف استطاع إسماعيل التوفيق بين العلم والخرافة لإنقاذ الناس من هذه الأمراض بعد أن فتح عيادته في أحد الأحياء الفقيرة؟ بدأ يقنع الناس الذين يعالجهم أنّ القطرة التي يعطيها لهم ليست مادة كيميائية بل هي قطرة مأخوذة من زيت قنديل أم هاشم المبارك، وبذلك نجح ردم الهوة بين العلم والخرافة من جهة وعلاج الناس من جهة أخرى.
تحوّلت هذه الرواية إلى فيلم حمل الاسم نفسه (قنديل أم هاشم) وصدر عام 1968 من بطولة شكري سرحان وأمينة رزق وماجدة الخطيب، لكنّ الفيلم لم يحقق النجاح المطلوب، بيد أنّ الرواية كانت في الزمن الذي ظهرت فيه تعد طفرةً في عالم الرواية العربية عامةً والمصرية خاصةً، ومن أهم المشاهد في هذا الفيلم مشهد قوي ومعبر يصف الصدام بين الرؤية المتفتحة وبين الغوص في دهاليز الماضي وموروث ثقيل من الجهل والخرافات، وفي هذا المشهد يقرر الدكتور إسماعيل كسر قنديل أم هاشم بيديه، لكنّ أهل الحي قاموا بالواجب كعادتهم، هو يريد تحطيم الخرافة بمعول العلم بالنور بالطب بالأخذ بالأسباب لا بالتشافي من الأمراض بزيتٍ لا يضر ولا ينفع.
في الرواية صراعات بين العلم الذي يمثله الدكتور إسماعيل وبين الخرافة الذي يمثلها قنديل أم هاشم.
في خلال السنوات السبع التي قضاها الدكتور إسماعيل في ألمانيا كان على علاقة بشابة ألمانية اسمها (ماري) ساعدته في تعلّم اللغة الألمانية لكنهما انفصلا لأنّها، أحبت شاباً من بني جنسها والدكتور إسماعيل هو الآخر يربطه ببنت عمته فاطمة النبوية علاقة خطوبة تطورت إلى زواج بعد معالجتها من زيت قنديل أم هاشم المبارك.
في مقام السيدة زينب كان هناك شخص يدعى الشيخ درديري يعطي الناس من زيت قنديل أم هاشم لدواء العيون، والأغرب أنّ الناس كانت تؤمن بأنّ هذا الزيت يستطيع شفاء الرمد والبرص وتزويج العزبة وتطليق المتزوجة وفعل كل شيء، أستغفر الله من هذا الجهل، كيف لزيتٍ لا يفرق عن الماء في شيءٍ أن يعالج هذه الأمراض؟! المشكلة أننا في دولنا مازلنا نعاني من قنديل أم هاشم وشجرة الأحلام والأماني التي تحدّث عنها الفنان ياسر العظمة في إحدى حلقاته التي توجد في الحقيقة في مدينة السويداء ويذهب إليها الناس ظناً منهم أنّها سوف تحقق لهم الأماني! لا نقصد السخرية من الناس أو معتقداتهم، لكن إذا كانت لا تضرهم أو تدعهم نهباً للخرافات والعالم صعد سطح القمر.