“في عالم لم يعد يؤمن بشيء، لا أزال أؤمن بقوة الكلمات.. في عالم لم يعد يؤمن إلا بقوة المادة، لا أزال أؤمن بقوة الكلمات، بقدرتها، بامتلاكها شفرة تفتح مغارات وعوالم..”
صدق الكاتب أحمد خيري العمري حين ذكرها في أحد كتبه، ففي زمن بات الإيمان هشّاً وضعيفاً، وأصبح الإحباط واليأس هو أول ما يعترينا عُقب أحداث تُفجع القلب، وتزعزع الإيمان، وتثبط العزائم، بقيت الكلمات هي المحرك والدافع الصادق الوحيد في تحريك النفوس للعمل والجهاد، وأصبحنا نستمد قوتنا ونشحذ هممنا من قوة التأثير التي جعلها الله فيها.. فلا عجب أن نرى الخطابات أو الأناشيد الحماسية التي كانت ولا زالت تُقام لتمد المجاهدين في كل مكان بروح الإيمان التي تعينهم على الكفاح والجهاد ومزاولة العمل بثبات وعزم أقوى.
ولا عجب أيضاً أن نلحظ ضرب الله مثلاً عن الكلم الطيب والخبيث بكتابه، فمثل كلمة طيبة، كلمة الحق والتغيير، كشجرة طيبة، أصلها ثابت وجذورها كثيرة الشعب متجذرة في عمق الأرض، ثابتة في وجه رياح الباطل والطغيان وصدمات الواقع، سامقة متعالية على اليأس والإحباط، مثمرة في كل حين ومعطاءة، فبذورها تنبت في النفوس وتتجدد باستمرار..
أما مثل الكلمة الخبيثة، التي يُراد بها الباطل والشر دائماً، ونشر الفساد وهدم النفوس، فهي كشجرة خبيثة، هشّة ما لها من قرار، وكأن جذورها قريبة من سطح الأرض، آيلة للسقوط في أي لحظة، وإن بدا عليها العلو والضخامة، فهي تصيب مرة، وتخطئ عشرة..
مثال حيٌ يعكس واقع الحياة، بذرة صغيرة ذات حدين تُلقى في الإنسان، فإما أن ترفعه علماً وشأناً وعملاً، وإما أن تهبط به إلى أسفل سافلين..
الكلم الطيب كالنور، يضيء الدرب ويعيد الرشد والحياة للنفوس.. والكلم الخبيث كالظلمات، ترمي بالإنسان في متاهات الضلال، فلا السبل تُرى لتركب، ولا تُدرَك الغايات والأهداف النبيلة فتُقصَد..
فهل تستوي الظلمات والنور؟!