عبد القادر العبدو |
تصعيدٌ عسكري غير مسبوق لقوات النظام ومليشياته المختلفة، طال ولا يزال عدة مناطق في ريفي إدلب وحماة، وهو الأعنف منذ عدة أشهر.
وقد عدَّ البعض ذلك مؤشرًا واضحًا لبدء عملية عسكرية لقوات النظام على الجبهات لحماية أوتوستراد حلب- اللاذقية أو ما يُعرف m4، بينما يرى آخرون أن الأمر، وبغض النظر عن حجم التصعيد، ما هو إلا اتفاق مبرم بين الأتراك والروس حول ما حدث ويحدث، وما سيحدث في المناطق المحررة .
وبحسب (عبد الرحمن أبو خطاب) قائد عسكري في الجيش الوطني فإن “القصف الحالي أو الوضع بشكل عام لا يوحي بزمان أو مكان محددين لبدء عملية عسكرية، واحتمالية عدم وجود المعركة يوازي احتمالية وجودها، والأمر حاليًا مقتصر على المراقبة والرصد.”
هدنة هشة.. وخروقات مستمرة
وعلى الرغم من توقيع هدنة بين الأطراف المتنازعة في سورية في 5 آذار الفائت، إلا أن الخروقات اليومية مستمرة من قبل قوات النظام، بل وتعدى الأمر إلى وجود محاولات تقدم عديدة على جبهات جبلي (الزاوية، والتركمان).
العقيد (مصطفى بكور) القيادي في جيش العزة يقول لصحيفة حبر: “عادةً ما تكون الهدن مؤقتة وينتهي أجلها حسب الاتفاق، أو تُنقَض من قبل أحد الأطراف، وهذه الهدنة ليست استثناءً، فعندما يريد الروس خرقها لن يستطيع أحدٌ منعهم.”
ومن هنا تأتي احتمالية بداية العمل العسكري من جهة قوات النظام وروسيا، على خلفية الخروقات الكثيرة للهدنة المهترئة، وهو ما تنبه إليه الثوار، (يزيد بشكاوي) قائد عسكري في الجيش الوطني، قال: “قمنا باستقدام حشود على مستوى العنصر البشري والآليات، وعززنا بها نقاط الرباط، ولا سيما المتاخمة لوجود قوات النظام، ووضعنا الخطط الكافية للتعامل مع أي خطوة محتملة للعدو، الذي جلب حشودًا كبيرة وأنشأ معسكرات تدريب وتجمع في منطقة (الدار الكبيرة، وقرية الملاجة) في ريف ادلب الجنوبي.”
النقاط التركية وهيئة تحرير الشام
ماتزال الأرتال العسكرية واللوجستية والفنية للحكومة التركية، تدخل تباعًا إلى نقاطها في المناطق المحررة البالغ عددها 51 نقطة، ماعدا 15 نقطة محاصرة بعد العملية العسكرية الأخيرة لقوات النظام العام الفائت.
وماتزال الدوريات الروسية التركية المشتركة تسير روتينيًا على طريق M4، الأمر الذي بنى عليه الكثيرون استبعاد العملية العسكرية، كون الأمور تجري بحسب ما اتُفق عليه.
وبالحديث عن الدوريات المشتركة، صرح لنا العقيد (مصطفى بكور) بأن “الدوريات وصلت لما يريده الطرفان (التركي والروسي)، خاصةً أن الفصائل الفاعلة على الأرض، تساهم بشكل أو بآخر بتأمين الدوريات، وتسيير حركتها، وإن تسيير الدوريات لم يكن بهدف استعادة أي شبر من الأراضي المحتلة، إنما هي عبارةً عن تكريس السيطرة المشتركة للروس والأتراك، على الطرق الأساسية، وهذا يصب في مصلحة النظام، على المدى البعيد، وبالتالي فإن تسيير الدوريات لم يقدم أي خدمة للمحرر.”
وعن علاقة هيئة تحرير الشام بتركيا قال (البكور): “أعتقد أن تحرير الشام تمتلك علاقات طيبة مع تركيا، وأن سلوكها لا يهدد ولا يعطل المخططات التركية، وبالمقابل تركيا ليست مستعدة لمعادة هيئة تحرير الشام أو التضحية بها حاليًا.”
إدلب.. إلى أين؟
وتبقى المنطقة المحررة حلقة مفتوحة لعدة احتمالات مختلفة، تتحكم فيها الأوضاع السياسية والعسكرية، فالمستقبل مجهول حتى اللحظة على الأقل، إن كان بعودة اللاجئين إلى مناطقهم، أو عدم تقدم قوات النظام إلى مناطق أخرى جديدة، الأمر الذي مايزال يشكل هاجسًا عند المدنيين، ولا يجعلهم يتأقلمون ولو مؤقتاً مع الواقع المفروض.
يقول (البكور): “إن الدول والمنظمات الإنسانية ليس من مهمتها استعادة الأرض، وإنما هي مهمة أصحابها والفصائل ومن ذهب إلى آستانة، وأوصل الأمور على ماهي عليه، وبشكل عام من سلم عنقه ومصيره للآخرين مقابل مكسبٍ خاص، فلا لوم إن ساقوه للبيع أو حتى للذبح.”
الجدير بالذكر أن طائرات الاستطلاع الروسية تحلق بشكل يومي ومستمر في أجواء المناطق المحررة، ولا سيما الحدودية منها، ممَّا يزيد احتمالية تصعيد القصف وتهديد حياة الآمنين، بغض النظر عن قيام معركة أو عدمها، فالموت والتشريد واحد.