عبد الملك قرة محمد |
أجرت صحيفة حبر حوارًا مع الباحث الاقتصادي (خالد التركاوي) للحديث عن قانون قيصر وتأثيره على نظام الأسد ومستقبل الليرة السورية في ظل الحديث عن استبدالها بالليرة التركية في المناطق المحررة، وذلك بعد استطلاع أهم الأسئلة التي يبحث السوريون عن أجوبتها.
نرحب بكم سيد خالد، بداية نسمع أن المحرر يتجه نحو التعامل بالليرة التركية، هل يمكن تطبيق ذلك؟ وهل هذه الخطوة إيجابية للشمال السوري؟
“في الحقيقة الشمال السوري جُبِر على التحول من العملة السورية إلى التركية؛ لأن العملة السورية فقدت إحدى أهم شروط العملة وهو قياس القيمة، فهي متغيرة باستمرار، لا سيما أن التجار يتعاملون بالدولار منذ سنوات.
فمثلاً لو قمت بتخزين مبلغ بالليرة السورية سيفقد جزءًا من قيمته غدًا، لذلك ذهب الناس باتجاه التعامل بالليرة التركية، وهذا مبرر وقابل للتطبيق؛ لأن هناك دولة مجاورة ستساعد في الضخ وتوفّر العملات من كافة الفئات.”
ونوه أن إيجابية الأمر في إمكانية إيجاد وسيط يحفظ قيمة المبلغ الذي يملكه الناس سواء أكان هذا المبلغ 100 دولار أم مئة ألف دولار، فالعملة الجديدة ستحافظ على الثروات، بالإضافة إلى أن هذه الحركة ستساعد في تنشيط الحركة التجارية، فالناس سيدركون قيمة البضائع بشكل أكثر ثباتًا، وسيسعون إلى العمل بشكل أكبر.
ماذا عن سلبيات أو أضرار هذه الخطوة؟
“أهم مشكلة أو ضرر، أن هذه العملة غير مخصصة للشمال السوري، بمعنى لو أخذنا أدنى قيمة لليرة التركية لنفرض (5) ليرات تركية، فهي تشكل قيمة كبيرة قياسًا بالليرة السورية، وحتى في التعامل مع القطع المعدنية الأقل فهناك معاناة أيضًا، لذلك سيتم تسعير الأسعار وفق ديناميكية جديدة، إما للأعلى أو للأسفل بما يناسب التعامل مع الليرة التركية.”
وأضاف: “لا يجب أن ننسى أنه لا يوجد كميات كافية من هذه العملة، إذ لا بد من قرار من الحكومة التركية حتى تتأمن القطع النقدية المتدنية أو ما نسميه بالفراطة.”
كيف تتم عملية استبدال عملة بأخرى؟ وأين تذهب العملة السورية في المحرر؟
“رسميًا لا يوجد شيء اسمه استبدال العملة المحلية بعملة أجنبية، بل يمكن للدول أن تطبع عملة جديدة أو تلغي أصفارًا، لكن استبدال العملة سيكون من قبل مواطنين لعدم ثقتهم بعملتهم المحلية، على غرار ما حدث في لبنان بعد الحرب، حيث اتجه المدنيون للتعامل بالدولار، أما ما يحدث في المحرر فهو وليد الحاجة، وهو واقع منذ سنوات، إذ إن التعاملات الكبرى تتم بالدولار الأمريكي.”
وأضاف أن “العملة السورية في الشمال السوري ستصب عند التجار الذين يُدخلون المواد الغذائية.”
كيف تقيّم الإجراءات المتخذة من الحكومة المؤقتة وحكومة الإنقاذ للتعامل مع انهيار الليرة؟
“هناك مشكلة رئيسة هي عدم وجود جهة مركزية واحدة، إذ يوجد حكومتان وعشرات المجالس التي ربما لا يطبق بعضها هذه القرارات بشكل كامل.
لكن كي لا نلوم أحد، هذه الخطوات رَغم أنها بسيطة وتمثل جزءًا من مجموعة خطوات كثيرة، إلا أنها المتاحة حاليًا لحفظ أموال الناس وثرواتهم.”
هل من المتوقع أن تنخفض الليرة السورية بشكل أسرع؟ وما السعر المتوقع لها نهاية الشهر الجاري في حال تفعيل قيصر؟
“نعم من المتوقع أن تنخفض الليرة لكن هذا الانخفاض يشهد حالات ثبات ربما وتذبذب، إذ نلحظ أن سعر الدولار يصل إلى 3000 ليرة ثم ينخفض إلى 2700 ليرة ثم يعاود الارتفاع وهكذا.
أما بالنسبة إلى السعر المتوقع، فهو تخمين يعتمد على عدة عوامل، لكن على الأقل سيصل سعر صرف الدولار نهاية الشهر الحالي إلى 3000 ليرة سورية مع سرعة أكبر في الانخفاض.”
لو انتقلنا للحديث عن قانون قيصر، متى يُتوقع أن يتم تنفيذه؟ وكم سيدوم؟
“منذ خمس سنوات يتم دراسة قانون قيصر، لكن في النهاية تم إقراراه السنة الماضية لذلك اقتصاد سورية أصبح تحت الرقابة، وهذا ما دفع الكثير من المستثمرين إلى العدول عن فكرة الاستثمار والعمل في سورية.
أما بالنسبة إلى موعد تطبيقه فسيكون خلال أيام ضمن هذا الشهر ومدته 10 سنوات قابلة للتجديد، والنقطة الأهم أن القانون يمكن كسره بعد فترة من تنفيذه وذلك عبر تطبيق النظام للبنود الستة الواردة في القانون ومنها، (إخراج المعتقلين، والرقابة على السجون، وعدم استخدام البراميل والسلاح الكيمياوي، وعدم استهداف المشافي، والخوض في العملية السياسية)”.
هل يوجد تفاهم بين أمريكا وروسيا بشأن القانون؟ وما موقف أمريكا لو حاولت روسيا دعم النظام؟
“لا يوجد تفاهم بين روسيا وأمريكا؛ لأن روسيا مستهدفة بالقانون ومذكورة بالاسم مثلها مثل النظام ومثل كل الكيانات التي ستحاول العمل مع النظام.”
ما مدى تأثير العقوبات على النظام السوري من جهة وعلى الشعب من جهة أخرى؟
“مبدئيًا قانون قيصر سيحرم النظام من شراء أي قطع أو مواد مرتبطة بالأسلحة أو الطائرات والوقود، أما بالنسبة إلى الشعب، ولأنه غير مستهدف بالقانون، فتأثره مرتبط بالنظام نفسه كيف سيتعامل مع القانون، فعلى سبيل المثال اشترى النظام طائرات ميغ 29 من روسيا منذ أيام بأموال مسروقة من الشعب، وهذا سيفاقم تأثيرات القانون على السوريين.“
ما الفترة التي يمكن أن يتحملها النظام من عقوبات قيصر؟ وهل من الممكن أن يؤدي القانون إلى رحيله أو رحيل إيران عن سورية؟
“هذا الأمر مرتبط بجدية العقوبات من جهة ومساعدة الأصدقاء كروسيا وإيران من جهة أخرى.
فالعقوبات هي أداة من الأدوات التي أعتقد أنها مهمة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها نظام الأسد، لذلك فالانعكاسات والتأثيرات عليه ستكون كبيرة لكن يصعب توقع مداها.”
بحسب تقرير للأمم المتحدة إدلب الأكثر تأثرًا بانهيار الليرة، فهل سيشمل قانون قيصر المناطق المحررة؟ وما السبيل للتخلص من تبعاته على الشمال السوري الذي مازال يتعامل بالليرة السورية؟
“قانون قيصر لا يشمل إلا نظام الأسد ومن يتعامل مع نظام الأسد من ميليشيات وكيانات وحكومات، لذلك فالسكان في المناطق المحررة غير مشمولين بالقانون حتى المدنيين في مناطق النظام السوري غير مشمولين، القانون يشمل النظام وأنشطته الاقتصادية والعسكرية فقط، أما الأدوية والتجهيزات الطبية والملبوسات فهي غير مشمولة.
لكن لو أن فصيلاً قرر فتح معبر مع نظام الأسد وتزويده بالأشياء الممنوعة في نص القانون كالأسلحة والوقود، فهذا سيعرض الفصيل أو الكيان للعقوبات.”
الجدير بالذكر أن قانون “قيصر” أقره مجلس النواب الأمريكي، في 15 من تشرين الثاني 2016، ووقع عليه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 21 من كانون الأول 2019.
وينص القانون على معاقبة كل من يقدم الدعم للنظام السوري، ويُلزم رئيس الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الدول الحليفة للأسد، وسيتم العمل بتطبيق القانون بدءًا من 17/حزيران الشهر الجاري.
وتعود تسميته باسم قانون “قيصر” إلى الضابط السوري المنشق عن النظام، الذي سرّب 55 ألف صورة لـ 11 ألف معتقل عام 2014، قُتلوا تحت التعذيب.