منذ أن انقسمت المعارضة المسلحة بين أحرار الشام وتحرير الشام، والصراعات على مناطق النفوذ لا تهدأ، وكأن المتغلب منهما هو من سيضمن البقاء للنهائيات القادمة، التي ربما ستكون فيها المعركة محسومة للعدو إذا بقيت الحال على ماهي عليه.
توقفت المعارك الحقيقية ضد النظام، لتبدأ المرحلة الأولى من الصراع في حسم تنقلات الفصائل الأخرى، وتقديم المغريات، أو الضغط باتجاه أحد الفريقين عن طريق التغول أو الضرب المباشر أو التهديد بالاجتثاث أو السلب والنهب واستهداف القيادات.
في المرحلة الثانية اصطدم الفريقان بمعارك لجس النبض كما يمكن تسميتها، كمعركة المسطومة في إدلب مثالاً، ومعارك متفرقة أخرى على بعض الحواجز حسمت أحقية الرايات التي سترفع فوقها، ودخول العديد من الفصائل باندماج الحماية تحت إحدى الرايتين، الذي سرعان ما تم استغلاله ليكون (اندماج حقيقي)، أو ترك الفصيل ليواجه مصيره إذا لم يستجب، وتم صناعة توحدات تحت ضغط الخوف، سرعان ما ستنهدم قريباً لغياب العمل على توحيد القناعات.
في المرحلة الثالثة خاض الفريقان معارك العنتريات دون أهداف واضحة في مناطق عديدة ضد النظام، من أجل إثبات التفوق واليد الطولى في المجال العسكري، لتنتهي هذه المعارك بخسارات مضاعفة لكليهما، وبدون تحقيق أي نتائج على الأرض، بل هناك من خسر أراضٍ مضاعفة.
يدعي الطرفان أنه يقوم بمحادثات جادة لتجنب الاصطدام وتوحيد الرؤى، بينما يضع شروطاً تعجيزية لذلك، ويُؤجَل الحسم في إدلب التي تقع تحت الإدارة الشكلية لجيش الفتح.
أخشى حقيقة من الوصول إلى مراحل متقدمة تحمل في طياتها اصطداماً مباشراً لا يخدم أبداً الثورة السورية، التي يدعي الفريقان مناصرتها، وتؤدي إلى انحسار جغرافي آخر في المناطق المحررة.
الساحة تحتاج تفاهمات مرحلية للحفاظ على ما تبقى، ولا أدعوا إطلاقاً إلى التوحد، الذي سيكون وبالاً على كلا الفصيلين، لأن الاختلاف في الإيديولوجيات سيفرق الصفوف الداخلية. ويضعف الروح القتالية لدى الجنود.
ما نحتاجه حقيقةً هو تنسيق بالحد الأدنى لحماية الثغور المتبقية، وإلا سيخسر الفريقان معاً، وتحسم المعركة لصالح العدو بسبب غيابنا جميعاً.
المدير العام | أحمد وديع العبسي