لقد بات الجميع يعرف أنَّ هذا البلد بلد الطموح و الإبداع، بلد الأدمغة الفريدة و الأيادي الفنية المُتقِنة ، في هذا المقال سنتكلم عن مشروع علمي جديد يطرحه و يعمل عليه عدة شباب من مدينة بنش في ريف إدلب ، يُعَرِّفون مشروعهم بأنَّه فريق يهتم بمجال الفلك و الفضاء بما فيه من متابعة الدراسات الحديثة و الرحلات الجديدة، حيث قاموا بتسمية الفريق بـ ( كوكب بنش ) ، حداثة هذا المشروع و ابتكاريته جعلوه سبباً لأن يلقى رواجاً و اهتماماً من فئات عديدة من أبناء المنطقة، حيث بدا ذلك واضحاً في تواصلات الكوادر العلمية معهم و في نشاطهم على مواقع التواصل و تفاعل عامة الناس مع معلوماتهم التي ينشرونها على صفحتهم الرسمية في فيسبوك .
بدأت فكرة الفريق عندما قرر مسؤول الفريق وصديقه المصور أن يلاحقوا الظواهر الفلكية من سماء مدينتهم بحكم حبهم لهذا المجال وقيامهم سابقاً برحلات تخييم عديدة، حيث ومع خبرتهم المسبقة وامتلاكهم معلومات جيدة عن هذا الأمر قرروا توسعة عملهم لتتحول من مجرد هواية وشغف إلى عمل منظم وفريق متكامل، يذكر لنا أحدهم وهو صاحب الفكرة الأساسية أنَّه كان منذ الصغر يتمنى أن يصبح رائد فضاء، لكن حال البلد لم يساعده كثيراً.
فكرتهم تلك وحماسهم لبدأ العمل بها جعلتهم ينتقلون من مرحلة التصوير والقراءة لأن يكونوا فريقاً مع عدة أفراد آخرين انضموا لهم لاحقاً ليصبح لديهم نشاطات كالحملات والجولات التعريفية التي يقومون بها، التي بدورها زادت من وعي الطلاب ومعرفتهم بحسب تحليلهم، حيث ركزوا عملهم على طلاب المرحلة الإعدادية وطلاب المعاهد في مدينتهم بنش، مع زيادة حدة انسجام الفريق فإنَّهم يقررون مستقبلاً أن يشاركوا ببرنامج المحاضرات المُنظم الذي يقيمه مركز اقرأ الثقافي في منطقتهم.
التقينا (بعبد الواجد حاج اصطيفي) مصور الفريق و الذي يتولى الأمور الإعلامية عندهم و هو طالبٌ في معهد الإعلام بجامعة إدلب ، يشرح لنا عبد الواجد طبيعة نشاطه في الفريق و يحكي لنا موقفاً حصل معهم حيث يقول : “أعجبتني فكرة المشروع و اعتبرتها مميزة جداً، أنا أقوم مع باقي أعضاء الفريق بتصوير السماء و النجوم من سماء مدينتنا بنش، و أحاول أحياناً أن أجمع مباني المدينة أو أحد معالمها مع ظاهرة ما أو مع إحدى أشكال النجوم المعروفة للفلكيين في صورة واحدة ، في إحدى المرات قررنا تصوير ظاهرة القمر العملاق التي تحصل كل عدة سنوات مرة واحدة، قمت بتصويره صوراً فوتوغرافية و أيضاً بثَّ المشهد بثاً مباشراً على صفحة الفريق في فيسبوك، ممَّا اضطرنا ذلك أن نصعد للمئذنة الأعلى في مدينتنا و الانتظار داخلها لمدة ساعتين متواصلتين بسبب حجب الغيوم للقمر و التي أعاقت المشهد لبعض الوقت” .
قام الفريق سابقاً برصد ظاهرة الخسوف التي حدثت منذ شهور، و أيضاً قاموا بالخروج في رحلات تخييمية عديدة هذا الصيف للقيام بتصوير بعض الظواهر و منها ظاهرة تهاطل الشهب التي حدثت في نهاية هذا الصيف ، يرى أعضاء الفريق أنَّ هذا العلم مهم للغاية، و يطمحون أن ينشروه بين أصدقائهم و في مجتمعهم كعموم ، أفصح لنا مسؤول الفريق أنَّهم يسعون مستقبلاً لأن يُنشِئوا معرضاً في أحد مراكز المدينة، و يراها فكرة قوية لدعم مشروعهم، حيث سيقومون فيه بعرض الصور الحصرية التي صوروها على مدار سنوات، بالإضافة إلى رسومات الطلاب الذين تلقوا نشاطات الفريق و نفذوها، و أيضاً عرض بعض الأعمال التطوعية التي قام بها متابعو مشروعهم على أرض الواقع أو في مواقع التواصل الاجتماعي .
شاركتنا أيضاً الأستاذة (لبابة) بعض الآراء حول الفريق بصفتها إحدى أعضائه و مشاركةً فيه تقول لنا الآنسة لبابة: “أنا أستاذة في أحد معاهد المدينة، سمعت بهذا المشروع و رأيته لأول مرة في فيسبوك ،و لقد تفاجأت كثيراً لرؤيتي مثل هذه الأفكار عندنا، لكنني كنت سعيدة أيضاً ، في البداية كنت فقط مشجعة و متابعة لهم، أقدم الاقتراحات، لكن بعدها و بشكل تلقائي أصبحت أحد أعضاء الفريق، و كان السبب الرئيسي في ذلك هو تشارك الاهتمامات ذاتها مع هذا الفريق ، أنا الآن أتولى أمر النشاطات الطلابية و الحملات التعريفية، و لقد قمت بأكثر من نشاط معهم، و أنا سعيدة جداً بمساهمتي هذه و أسعى مستقبلاً أن يكون لنا تأثير و قرار في إضافة هذا العلم كمادة مستقلة للمناهج التعليمية في مدارسنا” .
يحرص الفريق أشد الحرص على انتقاء المعلومات، بحيث تُوافق صحة البحوثات العلمية ويتحروا الدقة فيها بشكل كبير ويقارنوها بشكل دائم مع المواقع الفلكية العالمية كوكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية، ويسعى جميعهم أن تتسع رقعة نشاطاتهم لتضمن المناطق المحيطة بهم.
يشتكي فريق كوكب بنش من نقص المعدات اللازمة، حيث يضطرون أحياناً للتصوير بهواتفهم النقالة، ويسعون مستقبلاً لشراء تلسكوب صغير محمول وكاميرا بدقة جيدة من مصروفهم الخاص، كما ويسعون للتنسيق مع باقي الفعاليات في محافظة إدلب.