تحدثت الغارديان البريطانية عن الحملة الإعلامية المسعورة التي تستهدف الدفاع المدني السوري (أصحاب الخوذ البيضاء) بدعم من روسيا على الإنترنت.
وقالت الصحيفة: إنَّ الدفاع المدني السوري منظمة إنسانية تتألف من 3400 متطوعا منهم المعلمون والمهندسون والخياطون وغيرهم، وهم الذين يسارعون إلى سحب الناس من تحت الأنقاض ولهم الفضل في إنقاذ آلاف المدنيين خلال الحرب المستمرة، “وكان عملهم موضوع فيلم وثائقي لنتفلكس الذي حاز على جائزة الأوسكار كما حصلوا على ترشيح لنيل جائزة نوبل للسلام”.
أما الطريقة التي عملت بها روسيا لتشويه صورة (أصحاب الخوذ البيضاء) فقد جاءت بعد دراسة دقيقة لظروف الحرب الإعلامية السائدة؛ فهم يعرضون الشائعات ونظريات المؤامرة وأنصاف الحقائق بشكل فقاعة على اليوتيوب وجوجل وتويتر مستفيدين من خوارزميات البحث.
وأضافت الصحيفة: إنَّ حملة تشويه أصحاب الخوذ بالبيضاء ابتدأت مع انطلاق الحملة الروسية في سورية لدعم بشار الأسد، وفي الوقت نفسه حشدت آلتها الإعلامية من الناشطين المناهضين للولايات المتحدة والمدونين وأعطتهم منصة تلفزيونية مثل وكالتي سبونيتك و RTالروسيتين، ويبدو أنَّ بعض هؤلاء يقومون بحملة نشر الأكاذيب دون علم وبدافع كراهية الولايات المتحدة فقط.
لماذا الخوذ البيضاء؟
لأنَّهم يقومون بدورين مهمين في سورية، الأول: هو عملهم في الإنقاذ والإسعاف والبحث والإطفاء في مناطق القصف حيث دُمرت البنية التحتية.
أما الدور الثاني فهو توثيق آثار الضربات الجوية عن طريق الكاميرات المحمولة والمثبتة على الخوذ، ممَّا ساعد منظمة العفو الدولية ومركز العدالة والمساءلة وغيرهما من المنظمات على توثيق آثار الضربات الجوية وكشف حقيقة استهداف المدنيين الممنهجة.
وكانت لقطات أصحاب الخوذ البيضاء هي التي وثّقت الهجوم الكيميائي على خان شيخون، ثم أكدّ ذلك محققون دوليون، ورغم هذا لا تزال وسائل الإعلام الحكومية الروسية وشبكة الإعلام الموازي تشكك بالهجوم، وتدعي أنَّ أصحاب الخوذ البيضاء تابعون للقاعدة وممولون من قبل الملياردير الأمريكي جوج سوروس، رغم أنَّهم لم يتلقوا أي دعم على الإطلاق من جورج سوروس أو أي من شركاته.
يقول البروفيسور سكوت لوكاس أستاذ السياسات العالمية في جامعة بيرمنغهام: “إنَّهم يحاولون تبرير ما لا يمكن تبريره، ورغم ذلك ستنشر مجموعة من المواقع وقناة روسيا اليوم سخافاتهم مهما كانت درجة الكذب فيها”.
وكانت الاستراتيجية الروسية فعّالة للغاية من خلال التلاعب بخوارزميات البحث وغمر الشبكة بالمحتوى الكاذب عن طريق عدد هائل من الحسابات الوهمية مما أدى في النهاية الى خلق “أغلبية مصطنعة”، إلى درجة أنَّك إذا بحثت عن أصحاب الخوذ البيضاء في تويتر ستجدهم متساوين مع داعش كأنَّهم إرهابيون!!!.
ويقول سامانثا برادشاو الذي يدرس الدعاية الحسابية في جامعة اوكسفورد: “كلما زاد الالتباس كلما كان من الأسهل التلاعب بالناس”.
البحث الذي أظهر الارتباط:
تحدثت الغارديان مع العديد من الباحثين الذين يدرسون انتشار التضليل الإعلامي عبر الانترنت، ووجدوا أدلة على حملة روسية شديدة ضد ذوي الخوذ البيضاء، فقد وضع أستاذ علوم الحاسوب في جامعة إنديانا أداة تسمى هواكسي لرسم انتشار المعلومات المضللة عبر الإنترنت، ووصل إلى وجود مجموعة كبيرة من المصادر التي اختلقت مئات القصص عن ذوي الخوذ البيضاء واصفا إياها “بالمصنع”.
كما أنَّ جزءاً من هذه المجموعة يقوم بإعادة صياغة بعض المواد الإعلامية ومن ثم نشرها لصناعة محتوى يدّعي وجود المؤامرة.
وقامت (غرافيكا) بتكليف من هيومان رايتس بعمل تقصي حول الحملة على ذوي الخوذ البيضاء، فوجدت أنَّ 14000 من مستخدمي تويتر يتحدثون عن ذوي الخوذ البيضاء بالطريقة نفسها تقريبا، بعضها حسابات من جزيرة القرم من المؤيدين لبوتين وبعضها أُغلِقَ كجزء من التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وبعض هذه الحسابات تطلق أكثر من 150 تغريدة يومياً
كما وجدت كل من (غرافيكا) و (هواكسي) و باحثين من جامعة واشنطن في سياتل الأمريكية كل على حدى المزيد من الأدلة حول التنسيق والتوقيت الذي تنشر فيه هذه التغريدات بشكل متزامن وفي نفس الوقت تنشره وسائل الإعلام الحكومية الروسية.
وحاولت الغارديان الاتصال بالصحافية الأمريكية إيليف بيلي (قابلت بشار الأسد) والتي تقود حملة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأمم المتحدة ضد ذوي الخوذ البيضاء لكنها رفضت الرد على تساؤلاتهم تماماً، وانتقدت تغطية الغارديان للشأن السوري، وقالت: إنَّها تعد تقارير بالاستناد الى لقطات قدمها ذوي الخوذ البيضاء الذين يشكلون جزءا من تنظيم القاعدة.
الكاتب: أوليفيا سولون
صحيفة: الغارديان البريطانية
رابط المقال الأصلي:
https://www.theguardian.com/world/2017/dec/18/syria-white-helmets-conspiracy-theories