غسان دنو |
يعاني المجتمع العربي من مشاكل في التعامل مع الأطفال منذ ولادتهم حتى بلوغهم سن النضوج بشتى المجالات التربوية.
وإحدى هذه المشاكل تغلغلت في المجتمع المحلي السوري دون إدراك من الأهالي لخطورتها وما يمكن أن ينتج عنها، حيث يعمد العديد من الأهالي، آباء وأمهات، لإعطاء لقب لأبنائهم في مرحلة الرضاعة ينطبق على شكله مثل: “عجعوج، طبوش..” في إشارة للصحة السليمة والجسم الممتلئ، وغالباً ينتقل اللقب معه إلى المدرسة فيتسبب للطفل بإحراج كبير.
صحيفة حبر التقت “بلال أبو مؤمن” مدرب في حماية الطفل ليحدثنا عن الآثار السلبية والإيجابية على شخصية الأطفال جراء الألقاب التي تلتصق به، حيث أفاد بدايةً أن “هذه الألقاب الناجمة عن صفات أو أفعال تتعزز لدى الطفل بكلتا الحالتين إن كانت سلبية أو إيجابية، فالألقاب المرتبطة بأفعال مثل أن يقول أحدنا لطفله: أنت (عنيد، كسول، غبي..) ويستمر بوصفه بهذا الأسلوب لتبرير أفعاله الناجمة عن سلكوه حتى بحضور الأقارب والأصدقاء يجعل الطفل يتقمص هذه الصفة ويتماشى معها على الدوام في حياته اليومية.”
والحل برأي المدرب بلال: “يكمن بالتوقف الفوري عن نعته بألقاب سلبية وتعزيز الإيجابيات لديه، كأن يقال له: أنت طفل (مجتهد، نشيط، مبدع)”
ويضيف بلال: “حتى بإمكان الأهالي توجيه مستقبل الطفل عن طريق تعزيز أشياء وصفات لديه، فمن يريد أن يجعل طفله طبيبًا يبدأ بجلب ألعاب تشبه الأدوات الطبية لطفله (سماعات مثلاً) ويخبره ماذا يمكن أن يصنع بها، ويقول له على الدوام: أنت ستصبح طبيبًا لتعالج الناس وتكون فاعلاً في المجتمع، ممَّا يخلق داخل الطفل شعورًا جيدًا ناحية هذه المهنة، وكذلك الأمر مع أي شيء تود تعزيزه لدى طفلك.”
ونوه أيضاً إلى دور الشخص المؤثر على الطفل، فله أثر إما إيجابي أو سلبي كالأب أو الأم أو المدرسة.
ويختم أبو مؤمن بقوله: “نرى ذلك عملياً عند مدربي التنمية البشرية، من خلال مطالبة المتدربين بتعزيز قدراتهم عبر تكرار عبارات تمنحهم الثقة مثل: (أنا مبدع، نشيط، قوي) حتى يتقمص اللاوعي الشخصي لديهم هذه الصفات ويرفض أي صفات عكسية.”
وفي الموضوع نفسه أضافت المختصة التربوية (نارمين خليفة) في تصريح خاص لصحيفة حبر أن “شخصية الطفل تتشكل نتيجة تفاعله الاجتماعي المستمر مع أسرته بالدرجة الأولى، ففي فضاء المنزل يستمر الطفل ست سنوات ينمو ويتعلم وتُصقل شخصيته قبل أن ينخرط بأي مؤسسة اجتماعية أخرى. “
وتضيف (حليفة): ” يتكون مفهوم الطفل عن ذاته من خلال الرسائل التي يستقبلها ممن حوله: (طفل موهوب، ابني ذكي، أنت فاشل، أنت لا تعرف كيف تبني صداقات، أنت غير كفء..) وبهذا الشكل تصبح هذه الصفات جزءًا من التكوين النفسي للطفل، وبالتالي ينخفض تقدير الطفل لنفسه ويرى أنه غير كفء وغير قادر وليس لديه المؤهلات للنجاح. “
وأشارت نارمين إلى أمر يسبب اضطرابات نفسية قائلة: “إن التجارب التي قد يخوضها عندما ينطلق في المدرسة والحياة قد تكون مختلفة عمَّا زرعه الأهل لديه، وهذا التناقض بين تجاربه ومفهومه عن ذاته عامل مؤهب للإصابة بالاضطرابات النفسية وفي تكوين شخصية قلقة.”
وأعطت مثالًا عن حالة بقولها: ” طفل يرى نفسه غير كفء وفاشل، فمهما حقق من نتائج امتحانية جيدة يعزوها ذلك الطفل للمدرس ولسهولة الأسئلة، ولن يقر بأن لديه هذه القدرات، كما أنه يقلق دائمًا بسبب هذا التناقض”.
وختمت بنصيحة مهمة: “يساعد امتداح الطفل بصفات إيجابية وألقاب محببة على بناء صورة قيمة للطفل عن نفسه، فهو يحترم ذاته ويقدر إمكانياته.”
وتابعت: “الرسول صلى الله عليه وسلم يطلق ألقابًا محببة على الأطفال (أبو الحسن، أبو عمر..)”لزرع الثقة بالنفس وتعزيز تقدير الذات لديهم.”
ويعتبر الخبراء أن إطلاق أسماء دلع على الأطفال حتى سن 9 سنوات لا يشكل خطراً، ويجب الحرص على مناداتهم بأسمائهم الحقيقة بعد هذا السن حتى لا يؤثر في شخصياتهم.
كما ينصح بالانتباه إلى تغير سلوك الأطفال إن لم يشتكي الطفل من نعته بألقاب في مدرسته أو أسرته؛ فربما يتحول الطفل إلى شخصية عدوانية أو يرد الألقاب نفسها على عائلته وأصدقائه.