عبد الملك قرة محمد |
لو راجعنا موقف وسياسة الإمارات من ثورات الربيع العربي لا يبقى لدينا أي تساؤل عن السبب الذي يدعو الإمارات للتطبيع مع الأسد، فهي دولة تعمل عكس ما تقول.
فبينما كان وزير الخارجية الإماراتي يصرح بأكذب وأخبث تصريح عرفته الساحة الدبلوماسية جاء فيه: “الشعب السوري يموت، فهل هناك لحظة سنصل إليها لنقول له كفى قتلاً، كفى تعذيباً، كفى مجازر، وكفى علينا المشاهدة والحديث؟!، كم يجب أن يموت في سورية حتى نغير إستراتيجيتنا؟ لقد تم وضع أقصى العقوبات على النظام السوري، وأي عقوبات أخرى لن تضيف شيئاً” كان الأمن الإماراتي يعتدي على العائلات السورية وينتهك حقوق المعارضين السوريين حتى خرج معظمهم من الإمارات نتيجة ما عانوه، لكنها بالمقابل أبقت على نوع محدد من المعارضين وساعدتهم على تنمية تياراتهم مثل تيار (الوعد السوري) الذي رئيسه (فراس طلاس) ابن وزير الدفاع الذي وقع على إعدام عشرات الآلاف من المعارضين.
ومن الناحية العسكرية فقد ساعدت الإمارات قوات التحالف في إخراج داعش وتسليم مناطق نفوذها لنظام الأسد، في حين امتنعت عن دعم قوات الجيش السوري الحر في معركته مع داعش!
كما قامت الإمارات بتزويد الطائرات الروسية بالوقود لقمع الشعب السوري وإخماد الثورة السورية فضلاً عن تزويدها نظام الأسد بأجهزة تنصت مخابراتية على الجيش السوري الحر.
اقتصادياً تشير المصادر إلى أن (رامي مخلوف) رجل الأعمال السوري وابن خالة بشار الأسد له حسابات بمئات ملايين الدولارات في مصارف الإمارات وغيره الكثيرون من أعمدة النظام السوري الذين أودعوا أموالهم في البنوك الإماراتية، في حين عمدت إلى ترحيل عائلات سورية بتهمة التعامل مع قطر، وفي الوقت نفسه فتحت بنوكها وفنادقها لاستقبال شخصيات مُقربة من الأسد من بينهم (آصف شوكت) الذي خبّأ زوجته “ابنة الأسد الأب” في الإمارات لانشغاله بقتل المتظاهرين السلميين.
أما من الناحية السياسية فقد هرول النظام الإماراتي إلى أمريكا يقنعها ببقاء نظام الأسد، فهو صمام الأمان على الأقل حتى القضاء على داعش، كما كانت أحد أبرز المروجين لحجة التي مفادها أن المعارضة لم تقدم بديلاً والأسد أفضل المتوفرين، وهذا ساهم بشكل كبير في إعادة تدوير الأسد كما تسعى الآن لإعادة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية بعد أن عدت إخراجه سابقاً من الجامعة خطأ!
الأمر لا يتوقف عند سورية، فبعد انتصار ثورة مصر واستلام الأخوان المسلمين زمام الأمور أرسلت الإمارات برقية سرية هددت فيها بوقف صفقات بمليارات الجنيهات، ووقف الاستثمار في داخل بريطانيا إن لم تقم أمريكا بالتحرك ضد الإخوان المسلمين لإسقاط حكم مرسي، وهذا ما حدث فعلاً بعد جهود إماراتية واضحة.
كما عملت على استغلال موارد اليمن وانتهكت القوانين الدولية في الحرب عليها فضلاً عن دورها في تونس وغيرها من البلدان التي حاولت الوقوف في وجه الطغيان.
لا داعي لأن نتفاجأ بأن الإمارات أول الدول العربية تطبيعاً مع الأسد خاصة إذا علمنا أنها من أوائل الدول العربية التي سارعت إلى التطبيع مع إسرائيل بافتتاح كنيس يهودي بالإضافة إلى تقديمها خدمات كثيرة لليهود والهندوس طوال العقود الثلاثة الماضية.
أما عن عدائها لإيران فهو قِناع يُخفي تحته الكثير من الولاء بينهما، خاصة أن أهدافهما في اليمن وسورية متشابهة، كما أن الإمارات الدولة الأولى عربياً في التبادل التجاري مع إيران.
خلاصة القول: الإمارات مستعدة للتحالف مع أي حكومة كانت في سبيل القضاء على أي حزب أو تيار يُطالب بالحرية والتخلص من الحكم الوراثي لا سيَّما إذا كان التيار إسلامياً، عندها قد تتحول الإمارات إلى شيطان أكبر من أي شيطان آخر.