تزاحِمُ “الأعلام الروسية والإيرانية والميليشيات الطائفية ” العلمَ السوري في سماء الوطن، فترفرف مزهوةً بعيد الاستقلال في حضرة انتهاك السيادة الوطنية ..
فالنصر كما يراه المؤيدون هو عرس وطني كبير يرقص فيه الشباب والشابات من أبناء الشبيحة والموالين رافعين صورة سيادة الرئيس المنتصر على “شعبه” فوق أنقاض سورية المدمرة وجثث الأطفال!
قد لايدرك هؤلاء المنتشون بالنصر حجم الهزيمة التي لُحقت بهم وعمق السقوط الذي هم فيه ليحتفلوا بهلاك مدن كاملة لاتبعد عنهم مئات الأمتار، وبإبادة شعبٍ كان من بني جلدتهم ذات يوم، فمالذي يجعل من هذا المأتم الحاصل في الغوطة الشرقية عرساً وطنياً يستدعي الفرحة والرقص على أنغام الدبابات والقذائف؟!
إنه الإعلام البعثي الذي يحرف الأمور عن مسارها ويقلب الحق باطلا والباطل حقا.
وهذا ماأعلنه صراحة رأس النظام منذ بدء الثورة حين قال: “اكذب اكذب .. حتى تصدَّق” وبهذا المنطق المتبع أصبح كل شي ممكن وأصبح الدمارانتصاراً، والتهجير تطهيراً، والمدنيون أصحاب الأرض غرباء إرهابيين، وأصبحت الوصاية الروسية سيادة واستقلال ..
هي السياسة ذاتها التي انتهجها الأسد الأب والابن منذ عقود في تحويل الهزائم والنكسات إلى أعراس وطنية ومناسبات للرقص والاحتفال، ففي حرب تشرين استطاع حافظ الأسد أن يوهم السوريون أنه انتصر على العدو الإسرائيلي ويغطي مشاكل الداخل بانتصار خارجي مزعوم خسرت سورية على إثره الجولان ومنيت بهزيمة كبرى تحولت في ليلة وضحاها إلى حرب تحرير ونصر وبطولة، وأقيمت الأعراس والليالي الملاح ووصل الأسد إلى دفة الحكم.
وفي الثمانينيات كان الانتصار من نوع آخر مشابها تماماً للنصر الذي نراه، لكنه بصورة مصغرة، فكان لمدينة حماه نصيبها من التدمير والقتل الصامت بعيداً عن شاشات الإعلام وعيون الكاميرات، ذهب ضحيتها حوالي أربعين ألفًا من السكان، وعند هذه النقطة بدأت حقبة جديدة في عهد الأسد الأب، فأحكم قبضته على البلد لثلاثة عقود متتالية نجح خلالها في تدجين الشعب والسيطرة عليه وكبت الحريات وغير ذلك من مظاهر القمع.
وكما أخذ الأسد الابن الحكم بالوراثة أخد أيضا ميزة الاحتفال بالنصر الوهمي، فكان أحرص من أبيه على استغلال كل مناسبة لصالحه وحشد المؤيدين والمطبلين في الساحات لترقص على إيقاع النصر.
فعندما جدد البيعة الانتخابية ونافس ذاته حصل على نسبة 99%من الأصوات، جعل من ذلك عيدا وطنياً والاحتفال به واجب مقدس يحاسب كل من يعترض أو يبدي تذمراً، وكذلك عندما قتل شعبه وأحل قومه دار الخراب واستجلب المستعمر الروسي لنهب خيرات البلاد ونفطها وغازها وجعل من ليلة سقوط الغوطة، ليلة استثنائية، واحتسى الكأس نصر مع زبانيته وحلفائه.
إذا ً هو نصر وصمود في وجه العدوان الثلاثي “الأمريكي والفرنسي والبريطاني” كما أسموه،فبدا الأسد كأنه من هجم على الولايات المتحدة وأمطرها بالصواريخ وانتصر واحتفل!