منيرة حمزة |
“هل وجدتم عروساً لأخي؟ ” سؤال لا يفارق السيدة “منال ” كلما اجتمعت بجاراتها في ذات المبنى أثناء جلساتهم الصباحية، تسألهم علها تجد طلبها، ولكن دون فائدة!
طرقت “منال” العديد من الأبواب في مدينة إدلب بحثاً عن عروس لأخيها “محمد” البالغ من العمر ٢٤ عاماً الذي تهجر معها من ريف دمشق قبل عامين.
قالت لصحيفة حبر: “أصبحت فكرة الزواج والاستقرار مقبولة بعد عامين من النزوح، لكني لم أجد إلى الآن عروساً، فغالبية من قصدتهم رفضوا خشية الغربة واختلاف المنطقة”.
يوافقها الرأي أغلب النساء الحاضرات معها، وهنّ من مختلف المحافظات السورية، لأنهنَّ أيضًا يعانين من عدم إيجاد عروس لأقاربهنَّ من الشبان الذي تهجروا معهم.
ولا تُخفي السيدة “منال” رغبتها بعروس من الشام، فذلك مناها لكن من الصعب أن تجد فتاة عزبة من المنطقة نفسها، لأن غالبية المهجرين جاؤوا مع أزواجهم وأطفالهم الصغار.
وهنا تصبح المهمة أكثر صعوبة، فالكثير من العائلات ترفض تزويج بناتهنَّ إلى الغرباء عنهم، حسب قولهم، فهم يقولون عن الزواج بين المدينة والريف غربة!
فما بال من يُقدم على الزواج وهو من محافظة أخرى؟!
هذا ما أكده ” أبو حسن” وهو من قرية (فيلون) في ريف إدلب حيث قال: “إن العادات والتقاليد عندنا، وفي معظم قرى إدلب، عدم تزويج البنات للغرباء عملاً بمقولة: القريب أحسن من الغريب، وابن عمها أولى بها، والذي نعرفه أفضل من الذي نتعرف عليه.”
وبهذا أصبح الزواج همًّا يؤرق أكثر الشبان العزَّاب بعدما كثرت المعوقات والعقبات التي تواجههم رغم كثرة الفتيات، فمنهم من استطاع تجاوزها ومنهم ما يزالون يقفون أمامها ابتداءً من صعوبة إيجاد العروس المناسبة إلى ارتفاع المهر وتكاليف الزواج وتجهيز المسكن الجيد، فكل هذه الأمور جعلت الزواج بالنسبة إلى الشاب المهجر أمراً صعبًا.
وهذا ما حصل مع “محمد” وهو شاب عشريني من مهجري حمص، الذي قوبل بالرفض مراتٍ عدة، واليوم يقف مكتوف الأيدي، في بحثه عن شريكة حياته، يقول:
“لأني من حمص وغريب عن المدينة يتردد الكثير في تزويج بناته، ويحرص كل أهل منطقة معينة على تزويج بناتهم لأهل المنطقة نفسها، فهم يعرفون بعضهم والعادات تبقى نفسها، بينما لا يثقون بالغريب ويخافون من اختلاف الطباع والثقافات.
فأهل حمص يريدون الشاب الحمصي، وأهل الشام يفضلون الشامي، وهكذا..
ومن المستحيل أن تخطب فتاة من خارج مدينة إدلب وتطلب منها المجيء إلى هنا بسبب الظروف الأمنية التي تعيشها المدينة، خاصة في ظلّ التفجيرات الراهنة والأوضاع المتوترة التي تعصف بمدينة إدلب وريفها، بينما قد يرسلونها إلى تركيا أو ألمانيا! وعليه بات الزواج سهلاً ممتنعاً، فالحياة الصعبة التي تعيشها البلاد جعلت الكثيرين يقلعون عن هذه الفكرة، وينتظرون العودة إلى مدنهم.”
بينما يختلف الأمر في مناطق النظام، حيث تقل نسبة الشباب المقبلين على الزواج ويقل عددهم بشكل عام بعدما قتل منهم وهاجر الكثير، فأصبحت نسبة النساء العازبات كبيرة جداً، بالإضافة إلى ارتفاع عدد العوانس والأرامل، ليصبح البحث عن عريس مهمة صعبة!