بقلم: باسم الأفندي ربما تكون هذه أكثر عبارة رددناها، خلال مظاهراتنا، على طول سوريا وعرضها، مستقبلين، بصدورنا العارية، رصاص عسكر النظام ورجال أمنه وشبيحته ووحوشه البشرية.العبارة جميلة معبرة لدرجة أنها دفعتنا للتخيل والتمني، بأننا سنقطع المسافات الجغرافية، على الطريقة الليبية، حتى نصل ونحيط تدريجياً بالقصر الجمهوري، الذي يحتله بشار الأسد، بحيث لا نمكّنه من الاستغاثة أو الهرب، فنطبق عليه في قصره، ونلقي القبض عليه في جحره، ونتفنّن في عقوبته، جزاء وفاقاً على كل قطرة دم أراقها، لأبرياء لا ذنب لهم إلا أنهم طالبوا بالحرية.من المؤكد أن قطع المسافات في الوصول إلى القصر الجمهوري يحتاج لجهد كبير، وتضحيات أكبر، وإرادة أمتن، فاستوعر “بعض الثوار” طريقتنا التقليدية في الوصول، وبقوا متمسكين بشعار لا ترحل جايينك!!!فوصلوا إلى الأسد، وتلاقوا معه أخلاقياً، في دركات الجاهلية الأولى والانحراف والظلم، غير آبهين بتقمصهم شخصيةَ الوحش، الذي كانوا وما زالوا يتصارعون معه. فهذا الذي سرق ممتلكات الناس الخاصة، وأموالهم العامة.وهذا الذي وضع يده على آبار النفط، حارماً الناس من مواردهم ومصدر تدفئتهم ورزقهم.وهذا الذي يقود السيارة، التي أتته دون مال أو أدنى تعب، بشكل يفتقد لأي حسٍّ بالمسؤولية، كأبناء ضباط المخابرات والمسؤولين.وهذا الذي حول مقرّاته إلى فروع أمنية بامتياز، يعتقل فيها الناس “ويشبّح” عليهم، بتعذيبهم واستنطاقهم. وهذا يتاجر بالثورة، ويجمع أموالاً للإغاثة ويضعها في جيبه. وهذا يحتكر التجارة وقوت الشعب وخبزه. وهذا سرق المعامل وفككها وباعها وطلب أتاوات من مالكيها. وهذا عذب الأسرى ونشر مشاهد التعذيب على الفضائيات.كل هؤلاء حققوا مرادهم بمحاكاة شعار “لا ترحل… جايينك”على طريقتهم. فتلاقوا مع أخلاقيات بشار الأسد ووحوشه البشرية، وتماهوا بهم. حتى تلاقوا معهم في اعتبارهم لـ “أهلنا وأخوتنا وأبنائنا وأبناء عمومتنا” المقهورين، المقيمين في المناطق التي يسيطر عليها بالقوة… في اعتبارهم شبيحة للنظام وأعواناً له! فراحوا يكيلونهم قصفاً بالقذائف العشوائية، بسادية ووحشية، لا تقل عن سادية المحتل الأسدي ووحشيته، حتى بتنا نشعر أن هذه القذائف التي تسقط على أهلنا في الأحياء المحتلة، أشد وطأة علينا وعلى الثورة من براميل بشار وصواريخه الفراغية…كيف لا؟! ونحن نرى أن أهلنا الأبرياء يُقتلون بأسلحة الثورة؟! وبأيدي شبيحتها وخونتها ومسوخها وجهّالها، الذين عجز العقلاء بالنصح عن كبحهم، واحتار الثوار الشرفاء الذين ثبتوا ولم يمكنوا النظام من حصارنا، في كيفية التعامل معهم.الثوار الشرفاء أولئك الذين تجمّلوا بالتواضع، وتحلّوا بالأمانة، وتزينوا بالصدق. لم يتعالوا على مدني، ولم يقتدوا ولم يتماهوا إلا بخيار البشر، حافظوا على ممتلكات الناس وحمَوا أعراضهم، وثبتوا في الأحياء، متابعين نشاطهم المدني، ولم يتخلوا عن الجبهات رغم البراميل.الثوار الشرفاء أولئك المتأكدون أنّ من يعيش في المناطق التي يحتلها النظام هم أهلهم، وأنّ هذه الحمم التي تُصب على رؤوسهم ما هي إلا وسيلة لتشويه صورة الثورة، أو تركوا الجبهات مطاردين لهؤلاء الخونة.الثوار الشرفاء هم كل من تبرّأ من كل ما يؤذي أهلنا في المناطق التي يسيطر عليها النظام من قول أو فعل، وتوعّدوا بمحاسبة كل من يثبت أنّه لم يتوخَ الدقّة في قصف مواقع النظام.الثوار الشرفاء هم الذين سيصلون إلى النظام، غير آبهين بوعورة الطريقة وصعوبتها، ويطبقون عليه ويلقون القبض على “الأسد” بعد أن يكونوا قد اجتثوا أخلاقياته، وردموا الدركات والحفر التي يعيش فيها أمثاله وأشباهه، مطبقين حرفياً شعارنا: “لا ترحل جايينك”.