كان عائذ بن عمرو، رضي الله عنه، من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، دخلَ على عُبيد اللّه بن زياد فقال: أي بُنَيّ، إني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” إنَّ شَرَّ الرِّعَاء الحُطَمَةُ ” فإيَّاكَ أنْ تَكُونَ مِنْهُمُ. فقال له: اجلسْ، فإنما أنتَ من نُخالة أصحاب محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فقال: وهل كانتْ لهم نخالةٌ؟ إنَّما كانت النُّخَالةُ بعدَهم وفي غيرِهم. رواه مسلم..
فما الحطمة؟ إنَّهُ المسؤول عن الرعية أيّاً كانت مسؤوليته، الذي لا يرفقُ بها، ولا يخاف الله تعالى في معاملتها، فتراه يحكمهم بالظلم، ويسوقهم بالإرهاب، ويؤلب بعضهم على بعض، ويتخذ منهم عيوناً ومخبرين على العباد لا على الأعداء، وينشر فيهم الفجور والخنا، يسلبهم أموالهم، ويرهقهم في معيشتهم، ويعتقل إرادتهم، ويحجر على آرائهم وأفكارهم، ويراهم خدماً له وخَولاً، لا يهنأ له بال، ولا تصفو له حياة إلا إذا سبّحوا بحمده، وتفانوا في رضاه، وصدروا عن رأيه، وعملوا بأمره، ونسبوا إليه كل فضيلة..
فهل يكون أمثال هؤلاء خيراً لأمتهم يقودونها إلى العزة والمجد، ويسيرون بها في مدارج الحضارة والرقيّ؟! أم إنّهم لعنة على عليها، ووَبَالٌ على مجتمعاتهم؟ هذا الصحابي الجليل يُخاطبك أيها المسلم: (فإيّاك أن تكون منهم)