مريم إبراهيم |
في ريف إدلب المحرر تحديدًا في بلدة تفتناز، تذهب (أسماء) كل يوم سبت إلى مركز سوء التغذية في الحي الجنوبي للبلدة، وهي تحمل طفلتها (إيلاف) البالغة من العمر عامًا واحدًا، التي تحمل مرض سوء التغذية، لتقوم الممرضات هناك بقياس طولها ووزنها وصرف الدواء المناسب المجاني من المركز، الذي غالبًا ما يكون (ظروف حلاوة، أو حليب، أو بسكويت المخصص لعلاج هذا المرض).
ليست حالة إيلاف هي الوحيدة في الريف المحرر، فهناك أعداد كبيرة من الأطفال الذين يعانون من هذا المرض ويذهبون أسبوعيًا إلى مراكز سوء التغذية المنتشرة في جميع أنحاء قرى وبلدات ريف إدلب، حيث يقومون بفحصهم وصرف الدواء المناسب لهم.
وقد افتتحت مراكز كثيرة أشهرها مركز سوء التغذية في بلدة تفتناز التابع لمشفى النور، حيث تبين أن أمراض سوء التغذية منتشرة جدًا في الريف الإدلبي خصوصًا بعد موجات النزوح الأخيرة، لعدم التغذية الكاملة للحوامل والمرضعات، وجهل الأهل بتغذية أطفالهم والافتقار إلى أهم العناصر المغذية للأطفال مما يؤدي إلى سوء التغذية، لدى الرضيع والأطفال الذين عمرهم أقل من خمس سنوات.
تقول (أسماء) من ريف حماة الغربي 27 عامًا: “نزحنا من بلدتنا في ريف إدلب الجنوبي، كان عمر ابنتي تسعة أشهر، وكان غذاؤها متكاملًا، ذهبنا إلى المخيمات وهناك مرضت بسب تغير المناخ والطعام والفقر فأدخلتها إلى المشفى، وهناك أخبروني الأطباء أنها مصابة بمرض سوء التغذية ويجب علاجها، ومازلت حتى الآن منذ ثلاثة أشهر وأنا أذهب بها إلى المراكز الصحية حتى تتم معالجتها، ابنتي عمرها عام الآن ولا تستطيع الحبو أو المشي، ولم يظهر لها آثار لأسنانها حتى الآن بسب مرض سوء التغذية، أتمنى من الله أن تُشفى طفلتي.”
وعن هذا الموضوع قمنا بمقابلة الدكتورة (شهد حلاق) من مدينه إدلب، دكتورة في مشفى تفتناز، التي قامت بشرح مطول لصحيفة حبر عن مرض سوء التغذية، تقول: “مرض سوء التغذية منتشر بكثرة بين الأطفال، والذين أكثر عرضة للإصابة به هم من عمر ستة أشهر وحتى خمسة أعوام.”
وعن أسباب المرض توضح حلاق: “انتشر هذا المرض في الريف المحرر بسب كثرة النزوح وقلة الطعام والفقر والعادات السيئة، والجهل من الأهل هو الأمر الذي يسبب هذا المرض؛ لأن بعض الأهالي لا يوجد لديهم اهتمام بتغذية أطفالهم وهذا غلط كبير، وبالنهاية سوء التغذية مرض ناجم عن عادات سيئة وخاطئة وليس للهرمونات أو الوراثة علاقة به، وكذلك الفقر والنزوح والحرب الدائرة بالبلاد لهم دور كبير.”
الدكتورة شهد وضحت أيضًا أعراض سوء التغذية بقولها: “علامات سوء التغذية تُعرف عندما يكون الطفل فاقدًا للحيوية والنشاط كباقي الأطفال من عمره، كما ويدل هزله وصغر حجمه أو ضخامته على مرض سوء التغذية أيضًا، ويوجد ثلاثة أشكال للمرض: النوع الأول و يسمى(السغل)وهذا النوع أبشع وأخطر الأنواع عند وجود هذا المرض بالطفل، ويكون الطفل قد وصل إلى المرحلة الأخيرة، حيث لا يتبقى منه سوى الجلد والعظم، وهذا ما يسمى بسوء التغذية القاسي والحاد، أما النوع الثاني فهو (كواشيركور) وهذا نوع يكون فيه الطفل منتفخًا، ويبدو على جسده الوزمات، حيث إن الأم تكون قد أعطت الطفل مادة “النشاء” منذ الستة أشهر دون إضافة أي أطعمة أخرى، مما يؤدي إلى سوء التغذية بهذه الطريقة لدرجه أنه من المحتمل أن يتشقق جلد الطفل بسب كثرة الانتفاخ، وهذه لا تسمى بدانة بل سوء تغذية ووزمات نتيجة الاعتماد على صنف واحد من الطعام. أما النوع الثالث وهو الشكل النهائي للمرض غير موجود عندنا في الريف المحرر هو البدانة، والبدانة من سوء التغذية المؤدي للتأخر بالنطق والمشي لدى الرضع والأطفال لمن هم أقل من خمس سنوات، فالبدانة لا تدل على التغذية بالعكس تمامًا.”
تُشير الإحصائيات إلى وجود أعداد تتراوح مابين50/150 طفل مصاب في كل بلدة من الريف المحرر بهذا المرض.
أما عن طريقة علاجه، فهو يعالج بثلاثة عناصر، العنصر الاول: (Plumpy nut) وهذا العنصر عبارة عن ظروف من زبدة الفستق لها معايير خاصة تُعطى على حسب شدة المرض لدى كل طفل، وهي الطريقة الأكثر شيوعًا لدى المراكز، أما العنصر الثاني فهو البسكويت الذي فيه جميع العناصر اللازمة لتغذية الطفل، ولسد حاجة الجسم من الفيتامينات اللازمة لشفاء المرض، وهذه تعطي للأطفال فوق عمر سنتين. أما العنصر الثالث فهو حليب F75و F100 وهو حليب يُعطى للأطفال الذين لا يتقبلون الزبدة ويكون عندهم إحساس الشهية صفر، هنا يضطر الطبيب المعالج إلى إدخال الطفل للمشفى، وإعطائه الحليب ضمن معايير خاصة مع خلطات “رزيونات “وقياس علامات الحيوية كل ساعة، وهذا الموضوع نفتقر له بالريف المحرر، فلا يوجد مشافي تعالج هذا الأمر بالعدد المطلوب.