مضت قوافل المتعبين من سبع أعوام، تبدلت فيها الفصول الحزينة و كثرت الشتاءات المريرة ومرَّ الخريف مرورًا خافتًا اساقط فيه كل من حدثته نفسه بالهزيمة، ألقى القوم لحاف الغفلة عنهم و اكتسوا رداء الحق يقي ذواتهم من عري الباطل و أتباعه، رصعوا أرواحهم بالصبر و التجلد على كل حنظل تجرعوه راضيين في سبيل الوصول إلى الربيع الذي تاقت الأفئدة إليه، وهفت الأرواح إلى لقياه، وقبيل الوصول رست سفينة ثورتنا على جبل (إدلب) حيث النجاة من طوفان الظلم والظلمات، ألقى الشعب المكلوم متاعه من التهجير و الفقد مروراً بالألم و الحنين و انتهاءً بالثأر الذي يتجدد مع كل صرخة وليد ، و دمعة أم ثكلى و آه يتيم و زفرة حنين ، لن يخبو الثأر في مهج وأدت الخنوع و الاستسلام، لن يموت الحق في أفئدة سلت حسام الوعي البتار ، لن تفنى الثورة في أرواح أقبلت على الموت مستبشرة فوهبت حياة الأحرار، لن يقطعوا حبل مطالبنا و يركنوا حقنا على جوانب الدهر ليعلوه غبار النسيان ، و كيف يقطعوه ؟ ، و قد صُنع من أوتنة قلوب أهل الشام …
من المحال أن ننسى الدماء الزاكيات ، التي روت حقنا ، فأزهر مع تتابع الشهداء ثأراً يتلوه ثأر ، و حقاً يتلوه حق ، يستنهض الهمم و يوقد العزائم ، أن لا تهنوا ، و لا تنسوا أن حلب تئن ، و الغوطة تنزف ، و حمص تبكي الوليد في صمت، و درعا تتمتم بوابة الفتح قيل عني ، فما الذي جعل أنحائي تفيض بالخونة المتخاذلين؟! ، و إن لهم على إدلب حق الذاكرة ، حق ألا ينسوا في طوفان الشعارات الهادرة ، ألا تموت ذكراهم و قد نادى شهيد تحت الركام ( ما النا غيرك يالله ) و قد صدح معذب بصوت الأنين ( هي لله ) و قد نادى طفل لأبيه ( متى نعود لبيتنا ؟ بعد هذا التهجير ) العودة حق ، و الذاكرة ليست تنسى سنين الآهات التي امتلأت الاجواف قهرا بها ، انتصارنا يكمن في ثأرنا من قتلتنا ، و تحقيق مطالبنا، و دوام ذاكرتنا الثورية ، فلا نسيان في ظل خلود آثار من سبقنا على درب الثورة و سبيل النصر الذي حفت جوانبه بالمكاره ، لكن الغاية أثمن و أسمى.
المضي و الاستمرارية في سُبُل الثورة توجب على كل من خلع رداء العبودية ، و ارتدى الحرية ، سناناً و بناناً و فكراً و قلماً و تربيةً ، أن يتمثلها قولا و فعلاً فمن دور الكفاح سابقا إلى دور البناء و الإعداد تالياً ، فما يحصل بالوقت الحالي من اتفاق يقضي بحتمية وجودنا و أحقية مطالبنا نشدد به آزرنا و نسند عليه كتفا متعبا و نجدل جديلة نصرنا بإعداد من يكمل المسير وعياً و فكراً ، سناناً و بياناً ، لتهتف دماء الشهداء في حلب الشهباء و حمص الوليد و غوطة الخير أن ( أعدوا ما استطعتم ) ، لترد إدلب و ثوارها و أبطالها و أحرارها و حرائرها ( لبيك اللهم ثورة )….