جعل الله الأصل في العلاقة بين الرجل والمرأة علاقةَ تكامل حينما جعل المرأة سكنا للرجل، وحُددت هذه العلاقة الطاهرة بالزواج عندما قال: “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزاواجا لتسكنو إليها”
السكن إليها من أكثر التعابير إلفة وطمأنينة، فكلا الطرفين يجد راحته وسكينته عند الآخر بما حباه الله من صفات جسدية ونفسية، ليقوم بدوره في الحياة كما خلقه الله، وجعل الله ركائز هذه العلاقة مودة ورحمة، فالمودة تزيد العلاقة متانة، والرحمة تشد أزرها وتكفل استمرارها، فعندما يحصل طارئ بالحياة الزوجية تحل الرحمة بما يكفل استمرارها ونجاحها.
هذا التكامل والتآلف الذي فطر الله عليه المرأة والرجل على حد سواء يجعلنا ندرك أنَّهما خلقا ليتعايشا معا لا ليتنافسا، ولتكون له وطنا وسكنا لا خصما ومنفى، ويكون لها سندا وعونا لا مالكا ومتسلطا.
هما نصفان لشيء واحد، لا يكتمل أحدهما دون الآخر، وهكذا يمكن لكفتي الميزان أن تكونا متساويتان، فلكل من الزوجين دور مختلف عن الآخر، لكنه بالنهاية يدوران في فلك واحد وهو الأسرة السليمة.
في حين نرى كل نظريات المساواة التي تطالب بها هيئات وحركات حقوقية لم تلقَ تطبيقا حقيقيا على أرض الواقع، فلا يمكن للمرأة أن تأخذ مكان الرجل، ولا هو بقادر على أخذ دورها، وهذا أساس العدل الإلهي الذي جُبل عليه كلٌ منهما وحدد لهما واجبات وحقوق إن قام بتأديتها كل منهما كما يجب كانت الحياة الزوجية مثالية ومبنية على الحب والاحترام والخير، قال النبي صلى الله عليه وسلم ” خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي” رواه الترميذي.
لكن هذه العلاقة السليمة باتت تحارب بشتى الوسائل بل أصبحت موجة يركبها كل من ادعى التحضر وأراد أن يناصر المرأة فيرسم لها قوالب مستوردة ومغلفة بطابع حضاري، وماهي إلا أفكار غربية مسممة لا تصلح بأي شكل في مجتمعنا الإسلامي.
ركزت الحملات التي كانت تقام بالفترات الأخيرة حول المرأة على أنَّها مضطهدة في مجتمع ذكوري وحقوقها منقوصة، وأنَّها مخلوق من الدرجة الثانية يجب عليها التمرد حتى تحصل على حقوقها.
ومهما سُنت قوانين وتشريعات عن المرأة لن تكون أرحم من الله عز وجل بها، ولن تعطيها حقها وتنصفها كما أنصفها الإسلام.
ولكن طريقة تطبيق بعض الناس وفهمهم الخاطئ وجهلهم عند تعاملهم مع زوجاتهم وهم ضمن دائرة الإسلام لا يعني أنَّ الإسلام أخطأ بحق المرأة أو أنقصها شيئا من حقوقها، والحالة الفردية دوما لا تعمم، والخطأ هو في هؤلاء الأشخاص وليس في القاعدة العامة.
الله خص كل من تعدى حدوده وظلم المرأة بعذاب أليم مناطه التبليغ الذي وقع عليه والحدود التي بيَّنها الشرع في تعامله مع زوجه.
ومن عدله أنْ سن الطلاق وجعله آخر ما يلجأ له الزوجين عند عجزهم في إكمال مسيرتهم لعلة ما، ومع ذلك ترك مجالا للصلح ولمراجعة كل منهما نفسه دون أن تحضر الأنفس الشح وتلعب دورها، وبالنهاية يكون الخيار لهما بما فيه راحة للطرفين.
وبهذا يكون ملف الزواج ضمن الإطار الإسلامي قد جمع كل شاردة وواردة، وأعطى المرأة والرجل حقهما، وبيّن لهما الطريق السليم، فلا داعي للنظر خارج هذه الدائرة وشحذ نماذج ملغومة لا تتجانس مع مجتمعنا وديننا.
هذه الظاهرة تجلت واضحة بأغلب الأسر التي هاجرت إلى الدول الأوربية واندمجت بتلك المجتمعات، فأصبحت تسمع عن حالات طلاق وتفكك للأسر وضياع العائلة، فكل يغني على ليلاه، وتاهت المرأة في مستنقع الحريات وانغمس الرجل كذلك بالشهوات، فهناك لا رادع سوى نفسك وضميرك.
فالمرأة الغربية تعيش في فقاعة من الحرية تجردها من إنسانيتها وأنوثتها عندما جعلوا منها وسيلة لإرضاء رغبات الرجل ونزواته، وجعلوا منها سلعة مغرية كأي بضاعة يتم تسويقها.
حين تتزوج لا تحظى بحياة نقية، وعندما تنجب الأطفال لا سلطة لها عليهم، بل اخترعوا لها عيد الأم حتى تراهم في ذلك اليوم، وعندما تكبر بنوا لها دار عجزة علها تأوي إليه في أرذل عمرها. هذا كله لضياع الأسرة وتفككها، ولا يشعر بهذه النعمة إلا من فقدها.