عبد الحميد حاج محمد |
شُكلت مؤخرًا في ريف حلب الشمالي لجنة تختص بمتابعة حقوق المدنيين والأهالي تحت مسمى (لجنة رد الحقوق والمظالم)، وذلك تحت رعاية عدة تشكيلات من الجيش الوطني السوري ووفق صلاحيات واسعة.
وتختص اللجنة في القضايا التي استعصت في المحاكم المدنية والاعتيادية، وقد أطلقت في مدينة (عفرين) كبداية لها، وكانت الجبهة الشامية هي أول من شكل اللجنة وعمل عليها قبل عدة أشهر.
(محمد الخطيب) عضو اللجنة يقول لصحيفة حبر عن بداية اللجنة: “بدأت في قطاع الجبهة الشامية بداية منذ عدة أشهر في ريف عفرين، بعد ذلك انتقلت إلى قطاع الفيلق الثالث في عفرين، وبعد ذلك تم التواصل مع عدد من الجهات منها السلطان مراد، وصار هناك لقاءات واجتماعات وقد رحبوا بالفكرة، وعممت اللجنة على القطاعين، بعد ذلك أصبح هناك تواصل مع الفيلق الأول مع جيش الشرقية وأحرار الشرقية ودخلوا في الغرفة، وأخيرًا فرقة المعتصم وفرقة الحمزة، ويمكننا القول بشكل تقريبي إن جميع فصائل للجيش الوطني هي ضمن التشكيل واللجنة.”
وعن القائمين على اللجنة يخبرنا (الخطيب): “القائمون مندوبون من جميع الفصائل المشاركة في اللجنة، إذ يوجد من كل فصيل حقوقي وإداري، بالإضافة إلى فريق عسكري مختص بتنفيذ القضايا التي تُرفع إلى اللجنة، بحيث تكون غالب تشكيلات الوطني مشاركة وفاعلة في اللجنة، وكل تشكيل يقوم بتنفيذ القضايا على من يلوذ به، ما يسهل عمل اللجنة.”
أما عن أعمال اللجنة في الوقت الحالي يقول: “اللجنة حاليًا وسَّعت عملها إلى مناطق ريف عفرين، وذلك من أجل متابعة قضايا الزيتون المستعصية، وللحفاظ على أرزاق المدنيين هناك، والحد من بعض المجموعات العسكرية التي تفرض إتاوات مالية على مالكي الزيتون، وأيضًا لمنع الإشكالات التي تقع نتيجة احتكاك الجانب العسكري بالمدني.
ولعل أبرز مهام اللجنة إيقاف السطوة العسكرية التي يقوم بها عناصر الفصائل محتمين بفصائلهم، ولا تستطيع أي جهة إيقاف تلك التصرفات ولا وضع حدود لها، إذ تختص اللجنة اليوم بحل القضايا المستعصية التي لا يستطيع القضاء أن يتدخل بها، فكل الحالات الاستثنائية وغير العادية تقوم اللجنة بحلها.”
ووفق الاحصائيات الموجودة لدى اللجنة، فقد ورد ما يقارب 300 شكوى مختلفة تسعى اللجنة إلى حلها، وقد أغلقت اللجنة ملفات ما يقارب 90 شكوى بعد حلها وإعادة الحق إلى أصحابه.
صحيفة حبر تواصلت مع عدد من الأشخاص الذين قدموا شكاوي إلى اللجنة وتمكنوا من تحصيل حقوقهم بعد أن فقدوا الأمل من عودة حقهم بسبب السطوة التي ينفذها الشاغلون لممتلكاتهم.
(يوسف) من مدينة عفرين أحد المشتكين إلى اللجنة بعد إشغال منزله لمدة عامين دون أن يستطيع الحصول عليه أو إبرام عقد إيجار مع الشخص الذي يشغل المنزل، تمكن من الحصول على منزله بعد متابعة قضيته لدى لجنة رد الحقوق.
يقول (يوسف): “منذ عامين قمت بإيواء إحدى العائلات المهجرة في منزلي مجانًا، إلا أن العائلة تلك انتسبت إلى فصيل فيلق الرحمن ورفضوا كتابة عقد ولم يصغوا لي طوال سنتين، ولم أستطع رفع دعوى كون الشاغل لمنزلي يتبع لأحد الفصائل العسكرية.
ومع تشكيل لجنة رد الحقوق رفعت دعوى، وبعد أسبوع تم حل القضية، وأبرمت عقدًا مع الشاغل لمنزلي لمدة ستة أشهر بسبب قدوم فصل الشتاء، والعقد بمنزلة مهلة كي يستطيع إيجاد منزل آخر.”
خالد (اسم مستعار) هو الآخر من أبناء مدينة (عفرين) ويملك منزلاً وعدة محال تجارية في المدينة، إلا أنه منذ عامين شغل البيت والمحال أشخاص دون أن يأخذوا إذنه، ولم يستطع إخراجهم ولا إبرام عقد إيجار معهم رغم أنهم مدنيون، إلا أنهم محميون بفصيل عسكري لم يسمه.
يقول (خالد): “رفعت دعوى للجنة رد الحقوق في المدينة، وقد امتدت الشكوى ما يقارب شهرًا ونصف الشهر، وتم حل قضيتي وفق اتفاق بيني وبين الشاغل لعقاراتي، وذلك من خلال عقد إيجار يحفظ حقي ولي الحق بإلغائه وعدم تجديده عند نهايته، ويكون الشاغل للعقار مجبراً على المغادرة.”
إحدى القضايا جاء مدني يشتكي لقص عشرين شجرة زيتون من أرضه من قِبل عسكري، فتم استدعاء مرتكب الفعل وتمت محاكمته ومحاسبته بشكل مباشر وتحويله إلى السجن، وتم عقد صلح بين الطرفين بعد دفع مبلغ مالي تعويضًا عن الأشجار المقصوصة، فكانت القضية بارزة جدًا من حيث تقديم الحق للمدني وأخذه من العسكري.
يقول (محمد الخطيب): “الشكاوي التي ترد لنا منوعة، منها بين المهجرين وبين أهل البلد، وأحيانًا بين عسكريين ومدنيين، وأكثر القضايا تتعلق بالعقارات (المنازل والمحال التجارية).”
ويضيف بأن “اللجنة ستتوسع إلى ريف عفرين، وفيما بعد ستمتد إلى بقية المناطق، وإذا كان هناك أي مظلمة في منطقة أخرى فلجنة ردّ الحقوق مخولة بذلك وتستطيع حلها طالما أنها تمثل معظم فصائل الجيش الوطني.”
يُذكر أن مدينة عفرين هي من أكثر المدن التي تشهد خلافات بين أهلها وبين العسكريين، حيث استولى العديد منهم على أرزاق الكرد في المدينة، الأمر الذي تضع له حدًّا لجنة ردّ الحقوق اليوم، التي لاقت استحسانًا كبيرًا من قبل الأهالي ودعمًا وتأييدًا.
وتدعم هذه الفكرة والخطوة استقرار المنطقة وأمنها بشكل أكبر، وتخفف من السطوة العسكرية التي تتخذها بعض الفصائل وتضع العسكريين أمام عشرات الخيارات قبل أن يمارسوا أي تصرف يسيء لعملهم.