عبد العزيز مشهديتنخرط روسيا بشكل مكثف في الحرب على الثورة السورية مساندة نظام إجرام الأسد نتيجة للمصالح المشتركة التي تربط بين الطرفين، ونتيجة الروابط العسكرية والاقتصادية التي تعود إلى فترة حكم الأسد الأب وعلاقاته بالاتحاد السوفييتي ثم روسيا. وقد استطاعت روسيا أن تحصل من خلال تبادل المصالح على قاعدة بحرية في البحر المتوسط مقابل أن تدعم موسكو النظام من خلال الأسلحة والتدريبات العسكرية والخبرات اللازمة، ولكن الثمن الأكبر كما يبدو هو الدور السياسي والدبلوماسي الذي تقوم به موسكو من خلال استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن الذي وقف في وجه عدة قرارات كان يمكن أن تصدر بحق النظام السوري، وربَّما كان هذا الكلام معروفا من قبل الأكثرية ولكن الذي يجب أن يعرف هو الخطر الذي يظهر مجددا وهو التغيير السكاني إلى جانب الحركة الإيرانية المتغلغلة في النسيج الاجتماعي في أكثر المناطق المحتلة الخاضعة لسيطرة النظام، فقد أشارت صحيفة ( نيويورك تايمز) في وقت سابق إلى أنَّ موسكو بعثت إلى سورية قوات عسكرية وأمَّنت لهم الوحدات السكنية في مدينة اللاذقية التي تعدُّ معقل الطائفة العلوية الحصين، إضافة إلى لوازم المراقبة الجوية. وهذا يؤكد أنَّ لموسكو في سورية نظرة مستقبلية بعيدة قد تمتد إلى سنوات، وهذا يعني أيضا أنَّها مصرة على حماية الأسد حتى الرمق الأخير أو فلنقل حماية مصالحها المرتبطة بالأسد إن صح التعبير، فما يقال من أنَّ روسيا تريد أن تحدَّ من قوى التطرف وتصاعد وتيرة الإرهاب كلام يحتاج إلى إعادة النظر فيه، ويمكن اعتبار استهداف الجماعات المحسوبة على قائمة الإرهاب مجرد هدف غير مباشر حاليا، ونؤكد على هذه الفكرة من ناحيتين الأولى هي أنَّ المساعدات العسكرية الروسية وصلت إلى النظام السوري قبل أن يكون هناك شيء اسمه (الدولة الإسلامية في العراق والشام) على الأرض السورية، أمَّا الثانية فهي أنَّ الضربات الروسية الجوية تستهدف بالدرجة الأولى المدنيين والمعارضة المسلحة المعتدلة كما يصنفها الغرب، وتنفذ بعض الغارات على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية.إنَّ هذا التدخل الحاقد يحصد يوميا أعدادا كبيرة من المدنيين الآمنين ويزيد من تشابك مصالح الدول المعنية في سورية، ويزيد من استفحال خطر التطرف ويعطي نظام الأسد جرعة أمل جديدة بعد أن تلقى الضربات القاتلة من قوات الثورة، لتعود مجددا فكرة التسوية السياسية وتفعيل العملية الدبلوماسية وإجراء انتخابات، وقد طرحت هذه فعلا في فيينا مؤخرا وباتت مقبولة في أوساط المجتمع الدولي الذي يبحث أساسا عن تثبيت أركان النظام بعد أن تعذر عليه إيجاد البديل الذي يصل إلى درجة الخيانة التي وصل إليها الأسد على أقل تقدير.