إعداد جاد الحق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية نشكر لكم حسن استقبالكم أبا جابر (هاشم الشيخ) القائد السابق لحركة أحرار الشام الإسلامية .
مدينة حلب المحررة تحوي ما يقارب 300000 نسمة، تعرضوا لحصار من قبل قوات النظام، استطاع الثوار من جيش الفتح بفضل الله كسر الحصار في سابقة بتاريخ الثورة السورية، وسقطت أهم حصون ودفاعات النظام في مدرسة الحكمة، والكليات، والراموسة والعامرية والشيخ سعيد وتلال الريف الجنوبي، استغرقت المعارك شهرا كاملا حتى استعاد النظام السيطرة عليها من جديد وعاد الحصار،
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا حصل ذلك؟ هل هي أوامر خارجية لجيش الفتح، أم تخاذل من بعض الفصائل، أم معطيات عسكرية ميدانية فرضت على الثوار الانسحاب؟
تركيبة جيش الفتح متنوعة، وفي حال ورود أوامر خارجية لفصيل فيه، فإنَّ باقي الفصائل لن تقف صامتة، فالتقاعس والتخاذل سيكتشف فورا، والميدان يشهد أنَّ كل الفصائل المشاركة بالمعركة قدمت كل ما تستطيعه، لكن سبب التراجع هو القوة النيرانية للنظام بالإضافة للطيران الحربي الروسي، واستخدامه لأعداد كبيرة من الميليشيات الطائفية المرتزقة، التي استقدمها النظام بأعداد كبيرة بعد انهيار الجيش السوري وتفككه تحت ضربات الثوار، وقد حصلت محاولة مشتركة من جميع الفصائل لتحرير معمل الإسمنت لكنَّها لم تنجح لنفس الأسباب، وأغلب خسائر الثوار حصلت بفعل الطيران الروسي وليس بفعل الاشتباكات والمعارك.
شيخنا ما ذكرتموه يقودنا إلى سؤال آخر، هل كان هناك تخاذل من فصائل فتح حلب كما أشيع؟
كان هناك تعاون ملموس مع فصائل فتح حلب قدموا من خلاله ما يستطيعون.
ماذا عن وضع حلب الآن؟ هل هناك معركة كسر حصار أخرى في الأفق؟
واقع المدينة السيء لا يخفى على أحد، جوع وقصف شديد، وتهديد من النظام باقتحام الأحياء السكنية، ونقص بالكوادر والمعدات الطبية، ما أدَّى لأن يصبح كل جريح مشروع شهيد.
الحصار استراتيجية مفضلة للنظام وحلفائه على حدٍّ سواء، تجعله يخرج كلَّ حقده الدفين ضد هذا الشعب البطل، وما تحتاجه الثورة اليوم خاصة في حلب، هو توحد على الأقل في الصعيد العسكري، فيصبح الجميع تحت قيادة عسكرية واحدة تهيئ أسباب النجاح لأي عمل عسكري من الخارج.
ومن هم خارج حلب من الثوار، لا يهنأ لهم عيش حتى يفكوا حصار أهليهم، وأثبت ذلك من خلال مئات الشهداء والجرحى، وبخصوص المعركة فالأيام القليلة القادمة فيها الخير والبشائر بإذن الله.
شيخنا بخصوص القيادة الموحدة، ماذا جرى بمشروع القوة الموحدة لحلب؟
مشروع القوة الموحدة بدأ في 15 شباط وكانت مدته ثلاثة أشهر، عُمل فيه بعض الأعمال العسكرية، لكن تمَّ العمل على مسألة تشكيل نواة لقيادة موحدة بحلب، فتمَّ تشكيل لجنة تحضيرية وَضعت أسساً وضوابط، وتمَّ اختيار قرابة ١٥ أخ من كافة الفعاليات الثورية المحررة كمجلس قيادة لحلب المحررة، بسبب الحصار الأول انفصل قسم من الإخوة الأعضاء في مجلس القيادة عن البقية وتعطل عمل المجلس، لكنها كانت كفكرة مبدئية جيدة للتوحد.
حسب علمكم كم قدرت خسائر النظام بفك الحصار الأول؟
حوالي 1500 قتيل من مختلف العصابات التي تقاتل مع النظام، في معارك الكليات.
ما هو أثر التجاذبات السياسية الدولية على واقع الثورة اليوم؟ خاصة التقارب الروسي التركي؟
أثبتت لنا الثورة السورية نتيجة مفادها أنَّ الشعب لا يخلص إلا بقوة وطنية تسعى للتحرير بجدية وحكمة واقعية، أما كل ما هو بالخارج فيتحرك بإطار المصالح الخاصة به.
والتجاذبات الحاصلة نحن على دراية بها ونتابعها باهتمام، فمسألة القطب الأمريكي الواحد المسيطر بعد الحرب الباردة أشعل غيرة الروس لاسترداد مكانتهم العالمية، ورغم التنافس الروسي الأمريكي إلا أنَّ الطرفين متفقان على حماية نظام بشار الأسد، لكن باستراتيجيات مختلفة تعتمد على مصالح كل طرف، فروسيا تريد بشار الأسد لأنَّه يرعى مصالحها في سوريا ويحقق لها النفوذ المتوسطي الذي طالما حلمت به، وأميركا تريد نظام بشار لأنَّه يحقق أمن إسرائيل بالدرجة الأولى.
طبعا هذه ليست كل المصالح لكل طرف لكنها أهمها.
ماذا حول التوحد والاندماج الذي ينتظره الشعب السوري ويراه طوق نجاته الأخير؟
الاندماج المشاع عنه دخل في طور الجمود والتوقف، وعلى الأرجح مصيره لاستقطاب فصائلي بسبب عدم قدرة الفصائل على تجاوز الحزبية المقيتة، وتخندق كل فصيل خلف اسمه وأفكاره.
الثورة بخطر وتحتاج لاعتصام بين أبنائها يحقق على أقل تقدير إيقاف الدماء الجارية من الشعب المنكوب.
ما هو الاستقطاب الأيديولوجي الذي ذكرتموه؟
هناك فصائل مؤدلجة لكنها منفتحة على غيرها من الفصائل غير المؤدلجة، ولا ترى مانعا من الاندماج معها، وهناك فصائل أخرى مؤدلجة ترى أنَّ الاندماج يجب أن يكون فقط بين الفصائل ذات اللون الواحد.
هل صحيح ما يشاع أنَّ أحرار الشام هي من عرقل الاندماج؟
أحرار الشام في تاريخها الثوري هي من أكثر الفصائل التي تسعى للاعتصام وجمع الكلمة، ولا صحة لما أشيع عن عرقلتها للاندماج، لكننا نريد اندماجاً مضبوطاً بميثاق يحفظ توازنه وبقاءه، ولا نريد توحدات عاطفية وهروب إلى الأمام، وهذا حسب تجاربنا السابقة.
لذلك نعتبر ميثاق الاندماج سوف يحفظ بقاء التوحد من أصحاب الأنفس الضعيفة، والأهواء والعقبات الخارجية والداخلية.
ما هو الاسم والشكل الذي ترونه مناسبا للجسم الجديد؟
لا يهمنا الاسم والشكل، ما يهمنا الاتفاق التام بما يضمن النجاح والاستمرارية، وتحقيق الهدف المنشود من التوحد وهو التفريج من كربة شعبنا الأبي المكلوم.
معركة درع الفرات حديث الساعة مالئة الدنيا وشاغلة الناس، هل صحيح أنَّها هي سبب فشل معركة حلب، وأنَّ هناك فصائلاً تركت نقاطها في حلب وذهبت إلى جرابلس؟
ما أشيع عن درع الفرات أنَّها سبب فشل معركة حلب، وأنَّ فصائلاً تركت نقاطها في حلب وذهبت إلى جرابلس هو محض كذب.
من دخل المعركة _ومنهم الأحرار_ اعتمدوا على عناصرهم الموجودين في أعزاز وريفها.
وتطهير ريف حلب الشمالي من رجس داعش وملاحدة الأكراد وفك الحصار عن اعزاز ومارع، ومنع سيطرة الملاحدة على مناطق جديدة غرب الفرات، ضرورة ثورية مهمة من أجل خلق عمق استراتيجي جديد للثورة، وإفشال مشاريع الخوارج والانفصاليين الملاحدة على أرض سوريا.
ما هو سبب خلاف أحرار الشام مع الجند؟ هل صحيح أنَّ أوامر خارجية أتتكم لتصفية الجند لأنَّهم فصيل إسلامي ينادي بتطبيق الشريعة؟
حمل الجند لفكر الغلو والتكفير أصبح قطعي الثبوت، بغض النظر هل بايع الجند داعش أم لا، وأثبت الواقع أنَّ كلَّ خلية إجرامية تستهدف الكوادر الثورية كمازن قسوم وأبو الفاروق جنيد، وأبو خليل مسؤول التصنيع في الأحرار هي من الجند.
حادثة سراقب كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، والاستقطاب الفصائلي الذي حصل ضد الجند بين الموقف المحق الذي اتخذه الأحرار ووعي الفصائل لفكر الغلو، وأمَّا موضوع أننا تلقينا أوامر خارجية وغير ذلك هو دعاية وراؤها كلُّ عدو للثورة وأولهم التكفيريون والغلاة، فالفكر الوسطي المعتدل لأحرار الشام جعلها هدفا لكل أعداء الثورة السورية من أقصى اليسار حيث النظام ومن معه من حلفاء وما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية، حتى أقصى اليمين إلى داعش والجند وما شابههم من خوارج وتكفيريين.
ما رأيكم بموقف فتح الشام باحتضان الجند؟
ما فعلته فتح الشام من احتواء للجند في صفوفها نراه اجتهاد خاطئ من قبل الإخوة في فتح الشام، فالمشكلة ليست بجند الأقصى كفصيل، بل هي بالفكر الذي يحمله الجند والذي دائما يبحث عن حاضنة له.
واحتضان الجند يؤثر سلباً على فتح الشام نفسها بالدرجة الأولى، فالفكر الخارجي كالسرطان ينتشر بسرعة.
هل الأحرار مسيسة بقراراتها التي تتخذها عبر تلقيها للدعم الخارجي؟
القول بتسييس الأحرار ظلم لها، ولو كنا مسيّسين ونتلقى دعماً على ذلك لكان وضعنا الاقتصادي أفضل مما نحن عليه بكثير، نعم نحن نتلقى دعماً غير مشروط يعتمد على التقاء المصالح بيننا وبين بعض الأطراف الخارجية، ومعاركنا ليست خاصة بنا، بل نحن دائماً ندخل معارك مشتركة مع غير فصائل خاصة فتح الشام، مما يمنع موضوع التسييس العسكري.
لا توجد قرارات نأخذها بناء على أوامر خارجية، نحن مستقلون في جميع قراراتنا ونأخذها حسب ما تقتضيه الحاجة المنضبطة بمبادئ ديننا الحنيف.
الحركة حلُمَت جداً على تعديات الجند حتى حادثة سراقب الأخيرة، وما حصل من قبلنا رد فعل طبيعي نتيجة صيال الجند علينا.
هل لديكم ما توجهونه لأهل حلب المحتلة من قبل النظام، وللأكراد القابعين تحت ظلم وسيطرة الأحزاب الانفصالية؟
الحرب اليوم هي حرب استئصال لكل أهل السنة وبشكل سافر، وكل مواطن في مناطق حلب المحتلة لديه أقارب وأصدقاء بالمحرر والعكس بالعكس، نحن نعذر إخوتنا في المحتل من حلب ونقدر أوضاعهم، ونطلب منهم ألا ينجروا خلف دعاية النظام أنَّ من يقصفهم هو نحن، هذا الأسلوب قديم جدا للنظام، واستخدمه من أيام جماعة الطليعة في الثمانينات، حيث كان يقوم بتفجيرات إرهابية بين المدنيين، وعمليات اغتيال لبعض الشخصيات العامة ويلصق ذلك بمجاهدي الطليعة ليزيد الهوة بينهم وبين شعبهم.
كل قصف للمدنيين بحلب المحتلة سببه النظام، وإن حصل قصف من طرفنا فهي حالات معدودة وأخطاء فردية أغلبها يقتصر على مناطق التماس بين الجبهات، وهذا لا نرضاه ولا نقره، وليس منهج حركة أحرار الشام الإسلامية.
وأكرر اليوم الحرب هي ضد كل أهل السنة، سواء في المحرر أو المحتل، والتحالف النصيري الرافضي الصليبي الإلحادي يستهدفنا جميعا، ويبارزنا كلنا بالعداء.
النظام يستغلكم كدروع بشرية له، ويسوق عبر إعلامه البهتان ليزيد الشرخ بين أبناء المدينة الواحدة والمجتمع الواحد.
وما حادثة قصف الطيران الحربي لكلية العمارة وحي الميدان عنا ببعيد.
وبالنسبة إلى الإخوة الأكراد أقول: نحن شعب واحد، وأبناء دين واحد، عاش بتآلف ووئام تحت ظل هذا الدين الحنيف، إلى أن ابتلينا بملاحدة العرب من حزب البعث وغيره، وملاحدة الكرد من الـ pkk وغيره، فلا بدَّ لنا أن نتبرأ من إجرام بعث العرب وبعث الأكراد، ونعود إخوة يجمعهم دين ووطن ومصالح ومستقبل واحد.
قبل أن نختم، نريد كلمة توجهونها للصامدين في حلب خاصة المدنيين منهم.
لا يحق لمثلي أن يوجه كلمة لهذه الجبال الرواسي في حلب، خاصة المدنيون الذين يتحملون كل هذا الإجرام، أسأل الله أن يفرغ عليهم صبراً وينصرهم ويجعلنا سببا للتفريج عنهم.
إن شاء الله مأجورون، والفرج قريب، وكل فجر يسبقه ظلمة حالكة،
صبركم ومصابرتكم أدهشت العالم، وبصمودكم يُفَلُّ إجرام النظام وحلفائه من روسيا التي دنست سماء الشام، وإيران التي دنست أرضه، لا عليكم سوى الاعتصام والالتحام لتشكيل قوة عسكرية وقوة سياسية تصون المكتسبات وتحمي الثورة، ولن يهدأ لنا بال حتى نفك عنكم الحصار أو تزهق أنفسنا ونحن نحاول، فاصبروا إنَّ موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب؟!
جزاكم الله خيراً وبارك بكم شيخنا على هذا الحوار الشائق والمهم في هذه الظروف، باسمي واسم صحيفة حبر أشكر لكم سعة صدركم.