أحمد سامي |
أول سنة في الجامعة وما أدراك ما أول سنة في الجامعة. الجامعة هي المكان الذي تحصل فيه على صداقات عُمرك كله، وأيضًا تتعلم فيه أقسى دروس حياتك. فيه أنت تُبنى وتستعد للحياة العملية، وفي نفس الوقت تكتشف في نفسك الجديد كل يوم. لكن قبل أن تصير الشخص كامل النضج الذي تسعى الجامعة إلى إعداده، أنت تدخل كطالب بالعام الأول، وهذا العام هو أفضل أعوامك الجامعية. لماذا؟ هذا ما سوف نعرفه سويًّا اليوم.
1) الأصدقاء
دون شك الأصدقاء هم الشيء الأبرز والأهم الذي ستُنعم عليك به الجامعة يا رفيقي. إذا كنت انطوائيًّا، ستجد أصدقاء. إذا كنت حزينًا، ستجد أصدقاء. وحتى إذا كنت كارهًا لجنس البشر كلهم، سوف تجد أصدقاء.
في الجامعة كل فرد في سنته الأولى يسير مُعلِقًا على رأسه جملة تقول “أنا جديد هنا، أحتاج إلى أصدقاء”. تلك الجملة تُنبه مستشعرات الآخرين الذين يحملون نفس الجملة أيضًا، وببساطة ستجد أنك حظيت بأصدقاء من الأسبوع الأول بالدراسة دون أن تشعر!
2) الحريّة!
في العام الأول أنت تتعرف على المواد وتكوّن الصداقات وكل شيء خفيف وممتع ومرح، ليست هناك أعباء شديدة أو ضغوطات جسيمة كالتي يُعاني منها المتقدمون في سنوات الجامعة. وذلك المرح تأتي معه الحرية، فتستطيع الذهاب مع الأصدقاء لأي مكان بين المحاضرة والأخرى للتسكع قليلًا أو الحصول على بعض الطعام لإكمال اليوم بطاقة كافية. معدل الحريّة التي تحصل عليها في العام الأول تكون كبيرة جدًا مقارنة بالسنوات التي تليها. فمع مرور السنين، أنت تدرس أكثر، وتجد أنك تستعد للحياة العملية في سنٍ ترى أنها ليست السن المناسبة لدخول معترك الحياة بعد، أريد أن أستمر في كوني طالبًا لأطول فترة ممكنة! فلذلك استمتع بحرية العام الأول لطالما أنت فيه.
3) المسار المُريح
أنت حرفيًّا تستمتع بكل منعطف تمر به. كل مادة دراسية تدرسها سوف تُشكل شغفك القادم للعلم وللقسم والجامعة التي دخلتها من الأساس. المميز في العام الأول أن مناهجه خفيفة وغير دسمة بشدة مقارنة بالأعوام الأخرى، لذلك أنت تدرسه بهدوء وحب. ولا تتذمر، ففي الواقع مواد العام الأول بالفعل هي التي ستجعلك متمكنًا من تخصصك الجامعي مع الوقت، وتضعك على المسار الصحيح في سوق العمل بعد التخرج. لذلك أحب أن أُطلق على مواد العام الأول “المسار الصحيح”، ببساطة لأنك بدونها لن تستشعر كينونة الجامعة التي تُعتبر بيتك الثاني منذ أن وطأت أرضها لأول مرة.
4) أسبوع الوافدين الجُدد!
لا توجد جامعة تخلو من هذه الفترة، سواء كانت يومًا أو أسبوعًا. يجب أن تكون هناك فترة في بداية العام يتم فيها استقبال الطلبة الجُدد الذين يتعرفون على مفهوم الجامعة للمرة الأولى في حياتهم، وعمل حفل استقبال لهم والقيام بعقد ندوات مختصرة وتحفيزية من أجلهم. فبالتالي تكون تلك الفترة مرحة وممتعة إلى أقصى حد. وفيها يستطيع المرء التفاعل مع والتعرف على الكثير والكثير من الطلبة من كل الشُعب والتخصصات المختلفة، هذا يعني تكوين شبكة علاقات مستقبلية من اليوم الأول.
5) التعرّف على مجتمعات الجامعة المصغّرة (الأسر الطلّابية)
هنا تبدأ المتعة يا قوم!
مجتمعات الجامعة ببساطة هي المجموعات البشرية الصغيرة التي تضم البشر ذوي الاهتمامات المشتركة. تلك المُجتمعات الصغيرة يُطلق عليها “الأُسر الجامعية”. فعلى سبيل المثال توجد أسرة الرياضة، أسرة الكتابة والثقافة، أسرة التمثيل المسرحي، أسرة الإلقاء والغناء، أسرة الموسيقى والعزف، أسرة المجال التطوعي، أسرة العلوم والتكنولوجيا، والعديد من الفئات التي يستطيع أي طالب جديد أن يجد نفسه مُنتميًا إلى أحدها بشكلٍ أو بآخر. الانضمام إلى تلك الأسر يساعد على كسر الجليد بينك وبين الجامعة، وأيضًا الانخراط في مجتمع أكبر منك، وهذا وحده كفيل بجعلك شخصًا واثقًا في نفسه إلى أقصى حد.
6) الطعام!
يقولون أن المعدة تفرح أولًا ثم تقول للعقل هيا افرح أنت الآخر. حسنًا، هذا صحيح بنسبة كبيرة فعلًا. أنت في العام الأول من الجامعة تبدأ التعرف على مجموعة من المصطلحات الشهيرة مثل: “مقهى ومطعم الجامعة – مطاعم خارج الجامعة – وجبات سريعة – أكواب قهوة محمولة – إلخ”، وبين كل مصطلح ومصطلح توجد عشرات المصطلحات الأخرى. كلها صنوف مختلفة من الطعام الدسم والخفيف والمليء بالسعرات وأيضًا الخاص بالتخسيس والرياضة. ستجد كل أنواع المأكولات في الوسط الجامعي، وربما ستسمع عن مأكولات جديدة لأول مرة في حياتك هناك. فالطعام من الأشياء المميزة جدًا في فترة الجامعة، وخصوصًا بالعام الأول، حيث الاندهاش كله.
7) القاعات والممرات ومكاتب الأساتذة
كطالب بالعام الأول، أنت تندهش تمامًا من مبنى الجامعة وقاعاتها وممراتها ومكاتبها، وحتى مدخل الكلية تندهش منه، هذا ليس بالمدرسة التي أُجبر على الذهاب منها في وقت محدد، هذا المكان مليء بالحرية والانفتاح، هذا المكان مكاني!
عندما تدخل إحدى القاعات لأول مرة تُعجب بشدة بالمساحة الشاسعة المُخصصة لضم عدد مهول من الطلبة في مكانٍ واحد، وتنظر إلى مكتب الأستاذ في شغف أن تكون مثله في يومٍ ما. التجول في المبنى الجامعي وحده كفيل بجعلك شخصًا محبًا للحياة الجامعية، فاحرص على صقل ذلك الشغف بالعام الأول.
8) الجوّ العام
كل ما سبق يساهم في تكوين ما يُسمى بالجوّ العام. في عامك الأول ذهابك إلى الأسر الطلّابية وتفاعلك مع الأشخاص وتجولك في القاعات والمباني وولوجك إلى حفل الاستقبال وأكلك للعديد من الأطعمة الجديدة، هذا كله يخلق الجو العام المميز الذي هو كنسيم رقيق يُرطب جسدك في يوم شديد السخونة.
وفي الختام
الجامعة بيتك الثاني، وعائلتك الثانية، وموطنك الثاني. ببساطة أنت تهرب من المنزل إليها، ثم تهرع إلى رؤية أصدقائك والتجمّع حول نفس الطاولة في أحد المطاعم، ثم الحديث عن أي شيء في الحياة، ليملأ بعدها الضحك الأرجاء. فاحرص على الاستفادة من عامك الأول أتم استفادة.
المصدر: أراجيك