بقلم : إسماعيل المطيرإن أهم ما يتصدر وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة هو ما يحدث في مدينة “عين العرب” ذات الغالبية الكردية، حيث تدور معارك كسر العظم شديدة الضراوة، لافتة الأنظار إليها من جميع أنحاء العالم.الأمين العام للأمم المتحدة “بان غي مون” شعر بالقلق للمرة المليون، ولكن قلقه هذه المرة كان على مصير “الأقلية الكردية” في سورية، وناشد المجتمع الدولي التدخل بجدية لإنقاذها، واستجاب المجتمع الدولي مع أنه لم يستجب من قبل لمناشدات الأمين “القلق” من أجل إنقاذ الأكثرية السنية في سورية من كيماويات نظام الأسد.فلماذا لمدينة “عين العرب” هذه الأهمية الدولية؟ ولماذا إصرار “الدولة الإسلامية” على إحكام السيطرة عليها؟يعرف التحالف الدولي تماماً فشل سياسته المعتمدة على الضربات الجوية ضد “الدولة الإسلامية”، فضرباته تلك لا تتعدى كونها دغدغة إذا صح التعبير، وهي ليست مؤثرة غالباً، نظراً لكبر مساحة المناطق التي تسيطر عليها “الدولة الإسلامية”، وعدم وضوح مفاصلها بحيث لا تصيب الضربات جسدها بشكل مؤثر، وذلك باعتراف قادة التحالف.قاد ذلك زعماء التحالف للبحث عن قوات برية موثوقة تماماً، من أجل القتال البري، ووجدوا ضالتهم المنشودة في الأكراد الذين يقاتلون بشراسة.تأتي أهمية “عين العرب” من موقعها المتوسط لمناطق الأكراد في عفرين ومناطقهم في محافظة الحسكة، وقربهم من مناطق الأكراد في تركيا، بحيث يمكنهم الاستفادة من الدعم اللوجستي من هناك، إضافة لقربهم من الرقة، وهي المركز الرئيسي لقوات “الدولة الإسلامية” في سورية، فكانت بذلك ” عين العرب” مكان التجمع الأنسب الذي يمكن أن ينطلق منه المقاتلون الأكراد.ولأن “عين العرب” واقعة ضمن الأراضي السورية، فإن اختيارها لتلك المهمة سيؤدي إلى اجتناب المشاكل التي سيتم افتعالها فيما لو انطلقت حملات الأكراد من داخل الأراضي التركية، فسياسة “أردوغان” ربما تمنعهم من التوجه للقتال في سورية.قادة “الدولة الإسلامية” يدركون ذلك تماماً، ولذلك قاموا بضربة استباقية شلّت حركة الأكراد في المنطقة، وجعلت التحالف في حيرة من أمره، حتى أن الضربات التي قام بها التحالف داخل مدينة “عين العرب” ضد القوات المهاجمة لم تجد نفعاً سوى تأجيل سقوط المدينة فترة وجيزة، وصار لسان حال التحالف يستخدم المثل الدارج في بلادنا: ” جبناك يا عبد المعين لتعين… طلعت بدك مين يعينك”.إن ما حدث يدفعنا للتساؤل: هل سيبحث التحالف عن جماعات كردية أخرى في مناطق أخرى لتكون منطلقاً لهم، أم أنه استسلم للواقع وأخرج الأكراد من اللعبة ولو مؤقتاً؟ربما يرى قادة التحالف أن عليهم المغامرة بزجّ قوات المعارضة “المعتدلة” مبكراً قبل الأوان المحدد لانتهاء تدريبها مع زيادة أعدادها، وهو مجرد حل إسعافي، مع ما ينطوي عليه ذلك الحل من مقامرة على نجاحه أو فشله، بسبب زيادة شعبية “الدولة الإسلامية” في المنطقة مؤخراً بعد انتصاراتها الكبيرة على قوات الأسد، وبعد بدء ضربات التحالف الدولي عليها.سوف تصبح الاحتمالات مفتوحة بعد ذلك، فربما يتم دعم نظام الأسد بشكل علني وإشراكه مع روسيا وإيران في التحالف الدولي، وخاصة أن إيران مستعدة لإرسال قوات برية بشكل علني، تحت غطاء محاربة الإرهاب.وربما تتم دراسة تدخل التحالف بقوات برية مشتركة على مبدأ: “ما حك جلدك مثل ظفرك”، والمغامرة بدفع تكاليف باهظة جداً للحرب البرية على غرار ما حدث في العراق وأفغانستان سابقاً، مع ما يمكن أن يحدثه ذلك من فوضى عارمة في الرأي العام في بلدان التحالف، نتيجة للرعب الذي أحدثته “الدولة الإسلامية” هناك بعد شهرتها بقطع الرؤوس.إن أيّاً من الحلول الأخيرة فيما لو تمّ اختياره، سيؤدي إلى استقدام ألوف مؤلفة من المقاتلين في صفوف “الدولة الإسلامية”، وخاصة بعد مبايعة بعض التنظيمات الجهادية لها حول العالم، وتعهدهم بإرسال المقاتلين.فهل ننتظر حرباً عالمية ثالثة ؟؟