بقلم سعود الأحمد
يوما بعد يوم يتأكد للمتابع للمشهد السوري أنَّ القوات الروسية والسورية النظامية قد أخفقت في تنفيذ الخطط التي رسمت للقضاء على الثورة السورية وإجبار ثوارها على الاستسلام ورفع الراية البيضاء وطلب العودة إلى بيت الطاعة، فتصور النظام عن طبيعة المعركة وعن عودة السوريين إلى حضن الوطن كان خاطئا، وتصريحات رئيسه عن مواصلة الحرب إنَّما هي محاولات لرفع المعنويات وأساليب تضليلية باتت مكشوفة للجميع ومادة لكل من أراد أن يقدم برنامجا ساخرا.
لقد تبددت أحلام النظام بالسيطرة عندما صدم بطبيعة الحرب وبالمقاومة الثورية التي ما زالت صامدة على الرغم ممَّا تتعرض له من ضغوطات كبيرة، وزاد من فشله هو كذبه المتكرر على أنصاره وإيهامهم أنَّ ما يسميه (الأزمة) ستنتهي اليوم أو غدا، فسقطت منظومته الإعلامية وسقطت مصداقيته، فلم يعد يتابع قنواته الإعلامية سوى أجهزة مخابراته القائمة على البرامج، وبعض الذين يريدون أن يغيروا (الجو) في عالم الفضائيات الواسع.
ويعود هذا الفشل في السيطرة وإخضاع الثورة إلى جملة من المتغيرات التي لم يحسب لها النظام حسابا، ولعلَّ أبرزها هو مشاركة العلماء الصادقين وتأييدهم للثورة السورية وتأصيلها شرعيا وبيان أنَّها ثورة حق وعدل، بالإضافة إلى تحريم مشاركة النظام في عدوانه ومساعدته بالكلمة أو الفعل، فضلا عن دعوة هؤلاء العلماء إلى الجهاد من أجل صد العدوان، هذه المواقف المشرفة من علماء الشام الأفاضل وغيرهم من علماء الأمَّة وضعت النظام في وضع حرجٍ لا يمكن مجابهته بعلمائه العملاء المكشوفين للجميع، المفضوحين بهلوساتهم وعدائهم للأمة.
ويأتي بعد ذلك متغير له دور كبير وفعال، وهو الوعي الجماهيري والدور الشعبي، وهو معطى مهم في الحرب والقوة الأكبر التي ترجح كفة الميزان، فالثورة السورية تحظى اليوم بتأييد كبير على مستوى الوطن ودول الجوار، خاصة بعد أن تعدى إجرام النظام كل حدٍّ ووصل إلى أطياف الشعب السوري كافة، فلا يخلو بيت في سورية من معتقل أو أسير أو شهيد أو مفقود أو مهجر.
ونضيف إلى ذلك أيضا دور حركات المقاومة والجهاد التي تبنت العمل المسلح للدفاع عن الثورة ومكتسباتها، بعد أن فتك النظام بسلمية الثورة وملأ السجون من ثوارها، وهذا ممَّا أعطى ثقلا مؤثرا على مسار الحرب.
هذه العناصر تكاد تكون المشكّلة للقوة الأساسية للثورة السورية، لِما لها من تأثير كبير في السياسة والحرب العسكرية، ودور أساسي في إدارة الصراع وتشكيل الخارطة المحلية والإقليمية. وهنا يأتي أيضا دور أبناء الأمة وهو الحفاظ على هذه العناصر وتأكيدها، والمشاركة الفعالة كلٌّ بحسب اختصاصه وقدراته مشاركة مدروسة ومنظمة، إضافة إلى فتح جبهات مختلفة تستنزف العدو سياسيا وعسكريا واقتصاديا ونفسيا، لتجعل معركتنا مفتوحة معه.