د. وائل الشيخ أمين |
عندما نسمع أن فلانًا ألحد أو على طريق الإلحاد نسارع إلى مناقشته لمعرفة الشبهات التي لديه ونجتهد في تفنيدها له.
ومن يتصدى لظاهرة الإلحاد اليوم يعمل على حشد الأدلة على وجود الله سبحانه وتعالى وتفنيد الشبهات المشككة الشائعة وقد فعلت شيئاً من هذا سابقاً.
يبدو أننا عندما نواجه الإلحاد بهذه الطريقة نفترض أن انتقال الإنسان من الإسلام إلى الإلحاد هو تغيير قناعة شخصية لديه، كان مقتنعًا أن الله سبحانه وتعالى موجود ولم يعد مقتنعًا بعد ذلك فألحد!
أريد أن أقرأ المشهد بطريقة مختلفة، أنطلق فيها من أمرين:
الأول: أن مسألة وجود الله سبحانه وتعالى مسألة بدهية لا تحتاج إلى كثير إثبات، بل إن من ينكر وجود الله ويدعي أن كل ما في هذا الكون جاء صدفة من غير سبب هو من يحتاج أن يقدم تفسيرًا لذلك، لا نحتاج إلى مئات الصفحات ولا عشرات المحاضرات لنثبت أمرًا بدهيًا!
الثاني: معظم حالات الإلحاد بسبب شبهات هزيلة جداً لا تحتاج إلى الكثير من النقاش والمحاججة لإبطالها.
ولذلك ما عدت أرى من يلحد على أنه يغير قناعة شخصية لديه، بل هو إنسان قرر أن يقطع علاقة لديه.
عندما يُلحد مسلم فهو يقرر أن يقطع علاقته مع الله سبحانه وتعالى، لم يعد يريد هذه العلاقة فقطعها.
كالابن العاق الذي يصل إلى درجة يقطع علاقته مع أبويه، ما جرى أن العلاقة بينه وبين والديه ساءت إلى حد كبير فقطعها تماماً.
وكذلك المُلحد في لحظةٍ ما تأتيه هزة نفسية أو شبهة فكرية فيعلن قطع علاقته مع الله سبحانه وتعالى، وليس سبب ذلك شدة الهزة النفسية أو قوة الشبهة الفكرية، بل السبب أن العلاقة كانت بالأصل سيئة أو سطحية.
لا نحتاج نحن وأبناؤنا وشبابنا لنحمي أنفسنا من هذا إلى قراءات كثيرة في الأسئلة الوجودية والرد على الملاحدة، بل نحتاج أن نقوي علاقتنا مع الله سبحانه وتعالى.
تمرُّ سنين تلو سنين والكثير لم يبنِ هذه العلاقة الشخصية مع الله سبحانه وتعالى، هذه العلاقة لا تُبنى بالقراءة ولا تُبنى حتى في ممارسة الدعوة، بل تُبنى بالصدق مع الله سبحانه وتعالى وبالتقرب إليه.
تُبنى هذه العلاقة الشخصية بالدعاء، وبالعبادة، وبالذكر، وباستحضار معية الله سبحانه وتعالى في الحياة.
عندما تكون علاقتك الشخصية مع الله سبحانه وتعالى قوية جدًا فلن تتركه مهما تعرضت له من شبهات ومحن، بل ثق أنه لن يتركك.
الدخول في الإسلام قرار، تبدأ معه رحلة الإيمان وكلما أبحرت في هذه الرحلة أكثر أصبح الخروج منها أبعد.