غسان الجمعة |
بخطى متسارعة تسعى فيها الإدارة الأمريكية لإغلاق ملف داعش إذ صرح الرئيس الأمريكي أنه سيعلن الأسبوع القادم عن القضاء على التنظيم بشكل كامل، كما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين في الإدارة الأمريكية أن الانسحاب الأمريكي من شرق الفرات سيكون مع نهاية شهر أبريل \ نيسان دون تقديم الحماية للميليشيات الكردية مما يرجح تشكيل معالم استراتيجية جديدة لواشنطن.
فالأحداث لم تتوقف على حدود المسألة السورية بالنسبة للأمريكيين والأمر الذي يسعى له ترامب يشمل تغييرات جوهرية تمثل انكسارات حادة على مقياس السياسة الأمريكية منذ عقدين في الساحة العالمية تجلت أولها بالمحادثات الأمريكية مع طالبان (التي تصنفها إرهابية) في الدوحة وقرب الإعلان عن اتفاق يمهد لتسوية بين الطرفين في افغانستان المجاورة لإيران.
بينما كان التحول الأمريكي في التعاطي مع المسألة الفنزويلية المناهضة للمعسكر الغربي بوضوح رؤيتها ودعمها للمعارضة عاملاً مهماً لتبوئها سدة الحكم بحشد اعتراف دولي بها دون إهدار قطرة دم واحدة للآن وبتكلفة صفر دولار أمريكي على الطريقة التي يحبذها ترامب من خلال نزع الشرعية عن مادور الرئيس الحالي وتمكين المعارضة سياسياً واقتصادياً من خلال غواديديو على رغم من ضبابية المشهد الداخلي للآن إلا أن الدرس الفنزويلي كان واضحاً لنظام الملالي .
النهج الأمريكي الجديد المبني على التضييق و الحصار الاقتصادي بات عنوان المرحلة القادمة فسلاح الضغوط والصفقات الاقتصادية يزداد بوتيرة مرتفعة لخدمة الأجندة الأمريكية تحت شعارات جديدة و بفوائد ربوية سياسية مرتفعة مقابل تنازلات و مواقف الدول الأخرى و أولها دول الخليج المدعومة أمريكيا في حرب اليمن ومن ثم التسوية مع تركيا في مسألة القس برونسون وأخيراً وليس آخراً بولندا التي ترغب بكسب الود الأمريكي لدعمها في مواجهة التهديدات الروسية بقواعد امريكية حيث ستستضيف مؤتمراً يبحث تعزيز الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط والتصدي للممارسات الإيرانية التي ستكون الهدف التالي للولايات المتحدة في ظل تحيد الأخيرة لاستراتيجيات الصراع التي حضرت لها وتفاخرت بها طهران على مدار عقود باستخدام واشنطن أساليب قديمة بآليات أكثر قساوة في الحرب الاقتصادية على الدول التي تشكل تهديدا للمصالح الامريكية.
في 13 من نوفمبر\شباط ستجتمع الإرادة الدولية بدعم غربي في وارسو لترسم ملامح صفقة القرن (الاسرائيلية – الفلسطينية) وستحدد طريقة التعاطي مع ايران المنهكة بعقوبات اقتصادية والمتورطة بحروب أشعلتها ضد شعوب المنطقة فهل ستكرر واشنطن السيناريو الفنزويلي بغض النظر عن تداعياته في المنطقة وخصوصاً أن طهران أرسلت إشارات للولايات المتحدة عبر حشدها الشيعي بالعراق برفض وتهديد الوجود الأمريكي و تأكيدها على ضرورة الانسحاب من سورية كما كشف وسائل الإعلام الأمريكية عن خطط بديلة لطهران للتصدي اقتصادياً من خلال استخدام قنوات مغايرة و مستقلة مع الاتحاد الاوربي وتنشيط استخدامها للبنتكوين .
فما تقوم به الولايات المتحدة من إعادة انتشار لقواتها في العراق وما تبذله من جهد لحل الأزمة الخليجية ومهادنة طالبان والانسحاب من سورية ومحاولة تسكين المخاوف التركية لما تعتبره تهديدا من حلفاء واشنطن شرق الفرات ما هو إلا تهيئة للرأي العام العالمي لما هو أكبر من كونه حلقة جديدة في سلسلة الصراع مع إيران التي شهدت 271 احتجاجاً الشهر الماضي حسب صحيفة الحياة فهل ستحول الإدارة الأمريكية أسبوع الذكرى الأربعينية للنظام الإيراني المتزامن مع المؤتمر إلى كابوس؟؟.