غسان دنو |
صعوبات جديدة في بداية كل شتاء تفرض نفسها على العوائل السورية لتأمين التدفئة، مما يضطرها للجوء إلى أساليب غير معهودة. وللتعرف على المواد المستخدمة في التدفئة صحيفة حبر التقت بعض المدنيين الذين حدثونا عمَّا سيلجؤون إليه في تأمين التدفئة والمعاناة.
وليد أحمد مهجري مدينة حلب يقول: ” أنا وزوجتي تجاوزنا 65 عامًا، ولم يمر علينا أقسى من هذه الظروف، فلا يوجد مازوت في الأسواق مطلقاً، وروائح الحطب تسبب لنا أضرارًا عدة خاصة أنني مريض ربو”.
ويتابع: “سنعتمد في هذا العام على التدفئة بالغاز والكهرباء، والآن بدأنا نشغل “دفاية” الغاز بضع ساعات في النهار، وفي المساء نشغل “شمعة واحدة” من سخانة الكهرباء لثلاث ساعات فقط.”
أما أسامة أبو محمد (مهجر من مدينة حمص): “اعتمد في التدفئة على حرق الأشياء: (خشب، ثياب بالية، أحذية قديمة..) وكل شيء قابل للحرق، أولادي صغار والبرد قارس، والبالة تأتيني بدون مقابل من جاري الذي يعطيني ما لا يمكن بيعه مجاناً.”
خالد العمر: “الأكثر فاعلية في التدفئة (الفحم الحجري) لكنه يحتاج لمدفئة خاصة وبالتالي تكاليف إضافية، لذا لجأت لتعديل مدفأتي بتدعيمها بصفيحة معدنية بداخلها، واستخدم الحطب والفحم الحجري مع بعض، واعتمد في إشعاله على الخرق وأكياس النايلون، الرائحة كريهة جداً بداية الاشعال، ولكن البرد أسوأ بكثير”.
أمَّا (أم وسيم) من أهالي إدلب، تقول: “بسبب غلاء سعر المازوت وقلة وجود الحطب اليابس، لجأت لحرق الألبسة البالية في (الصوبَّا) بعد أن أغلقت فجوتها الداخلية لأحافظ على جهازها.”
وتتابع: “وجدت الألبسة تُعطي دفئًا جيدًا وليس لها رائحة كالحطب، لأنني أتجنب وضع ألبسة فيها نايلون أو جوخ بسبب حساسية ابني من الروائح.”
وعن طريقة الاستخدام تضيف أم وسيم: “أقوم بلف القماش على شكل حطب، وأضع بجانبها قطعة بيرين وأشغل المدفأة، وأستهلك تقريباً 4 كغ من ألبسة البالة كل 10 ساعات”.
وخصنا (أبو حفص) أحد باعة البالة الخاصة بالحرق بحديث قائلاً: “أصبحت الأحذية البالية والألبسة من أكثر المبيعات لدي، حيث أبيع كل يوم قرابة 2 طن وأحياناً 1 طن.” ويتابع: “يعود سبب الإقبال عليها لسهولة اشتعالها لما تحتويه من مواد جلدية وأقمشة وبلاستيك، وأيضاً لرخص ثمنها مقارنة مع الحطب وغيره من المواد التي تستخدم في التدفئة، ويبلغ سعر الكيلو 10 سنتًا أمريكيًا، أي ما يعادل 85 ليرة سورية.”
وأكد أبو حفص أن زبائنه من كافة شرائح المجتمع (فقير، وغني) وهو أيضاً يعتمد عليها في التدفئة لما تعود عليه من دفء، وأنهى كلامه بقوله: “مشكلتها الوحيدة الدخان الكثيف الناتج عنها.”
وفي الجانب الصحي، أجابنا الطبيب (زهير فجر) المختص بالأمراض الصدرية عن الضرر الناتج عن حرق البالة ومخالفات الحراقات قائلاً: “إن استخدام الألبسة والأحذية للتدفئة، واستخدام مخلفات الحراقات، يتعبر مضرًا جداً على صحة الإنسان، لأنه يطلق غازات سامة تُسبب تخريشًا مباشرًا في الجهاز التنفسي”
ويتابع: “وبعض هذه المواد ربما تطلق غاز أول أوكسيد الكربون السام، وفي حال استنشاقه يؤدي إلى التسمم والموت”
وبحسب بائعي الحطب، فإن الأسعار كل يوم تتغير وبازدياد نظراً لارتفاع سعر تصريف الدولار، حيث ارتفع كيلو البيرين من 80 ليرة إلى 100 ليرة، والحطب من 100 ليرة إلى 125 وكيلو الفحم الحجري ارتفع من 140 إلى 168 ليرة تقريباً.
كما يعتمد الداخل السوري مؤخرًا على نوع جديد في التدفئة وهو: “مخلفات الحراقات” وهو الأرخص ثمنًا بين كل الأنواع السابقة بسعر يتراوح بين 50 – 60 ليرة للكيلو.
ولجأ السوريون في السنوات الأخيرة لاستخدام كافة الأنواع التي ذكرناها بعد تردي الأوضاع المعيشية الناتجة عن التهجير والقصف وقلة العمل، بالإضافة إلى ما يلتقطونه من كرتون وأغصان أشجار ومخلفات بلاستيكية كروتين يومي وطبيعي، بغض النظر عمَّا ستخلفه من أضرار صحية وخاصة نتيجة حرق البلاستيك كالأحذية بالية، بالإضافة إلى مخلفات الحراقات.