سعود الأحمد
ما زالت ملامح السياسة الخارجية الأمريكية غائمة وغير واضحة يكسوها الضباب حتى الآن، لكن لا يختلف اثنان على أنَّ مسألة التعامل مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وكيفية هزيمته ستفرض نفسها بقوة وربما تكون على رأس القائمة التي يدقق فيها ترامب كلَّ يوم، وستدفعه إلى أن يستعجل في معالجته تلك الحوادث الإرهابية التي اجتاحت تركيا وعددا من البلدان الأوربية، وقد قال دونالد ترامب غير مرة: إنَّ السوريين والروس يقاتلون تنظيم داعش، وعلى الولايات المتحدة الاستفادة من ذلك. ولكن يحق لنا أن نتساءل: ألا يعزز دعم أمريكا لروسيا من نفوذ إيران في منطقة الشرق الأوسط؟
من الضروري في هذه المرحلة بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بإدارتها الجديدة أن تعرف من يساعدها في حربها، ومن هم الذين يمكن أن يكونوا شركاءها، خاصة بعد سيطرة النظام السوري على مدينة حلب معتمدا سياستي التجويع والحصار، فالحرب في سوريا ستدخل في أشكال وأنماط جديدة مختلفة، وستمر في مراحل قد تكون أكثر تعقيدا.
إنَّ المتابع لسير المعارك على الأرض يرى أنَّ نظام الأسد يعتمد بشكل كبير على الميليشيات الشيعية وعلى رأسهم (حزب الله ) اللبناني في قتال الثوار وفي قتال تنظيم داعش للسيطرة على الأراضي وتثبيت قدمه فيها، كما أنَّ الميليشيات التي تحمل ذات الإيديولوجيا تقاتل التنظيم في العراق بدوافع طائفية، ولا يخفى على أحد تبعية هذه الجماعات المتطرفة إلى إيران ودعمها لها وسيطرتها عليها، ولذلك فإنَّ انضمام أمريكا إلى روسيا والنظام السوري في حربها هذه سيكون دعما غير مباشر لإيران، وسيساعدها في حرب الهيمنة في الشرق الأوسط، وهذا سيزعج بلا شك كلا من تركيا وقطر والسعودية.
إنَّ تلك الخطوة إن تمَّ الإقدام عليها ستكون دعما للطائفية التي تغذي الميليشيات المقاتلة التي أنتجت الانقسام، وأنتجت سياسة الإقصاء التي ساعدت على ظهور تنظيم داعش، ولا نعتقد أنَّ الرئيس الجديد ترامب يرغب في هزيمة داعش ليراها متجسدة مرة أخرى بأشكال عديدة كما حصل مع سلفيه في حربهما على تنظيم القاعدة، فبقيت القاعدة وتمددت ونشأ تنظيم آخر أشد فتكا وبطشا، وقد صرح ترامب أنَّه لا يرغب في الدخول في صراعات طويلة الأمد في منطقة الشرق الأوسط.
يبدو أنَّ المطلوب الآن هو تغيير في السياسة الروسية وإيقاف القوة الإيرانية، فلا نظن أنَّ ترامب التاجر الحاذق سيكون صارما مع إيران، ثمَّ يقف إلى جانب روسيا التي تدعم إيران في عملياتها القتالية، لكن للتجار الكبار أساليب جديدة دائما يدهشوننا بها!