قام مركز آثار إدلب بالتعاون مع المركز الثقافي في المدينة بافتتاح متحف إدلب من جديد يوم الإثنين 13/8/2018.
حضر الافتتاح عدد من الإعلاميين وبعض الفعاليات المدنية وعدد من المسؤولين والشخصيات المعروفة في مدينة إدلب، وقام الأستاذ (أيمن نابو) بإلقاء كلمة الافتتاح والترحيب بالضيوف وقال: “عملنا على عرض متحفي بنسبة %20 في الطابق الأول، وعرضنا خلاله دلائل تاريخية ولُقى أثرية تعود إلى حقب أثرية مختلفة ابتداء من عصور قبل التاريخ انتهاء بالفترة الإسلامية المتأخرة بالإضافة إلى قسم من الفن الحديث.
محافظة إدلب تحتضن أكثر من ثلث الآثار الموجودة في سورية، وأكثر من 50% من التلال الأثرية موجودة فيها، ويوجد فيها 760 موقعًا أثريًّا مسجلاً على قوائم الوزارة في فترات تسجيل سابقة، ويوجد باركات أثرية مسجلة على قائمة التراث العالمي باسم متحف في الهواء الطلق تشكل أربع قرى أثرية، تتسم بها محافظة إدلب، ومنها إيبلا التي غيرت الكثير من النظريات العلمية عن تاريخ الكتابة عند اكتشاف الأرشيف الملكي فيها.
وقد شرح الأستاذ عبد السلام على المنصة مع عرض برومو كيف كان المتحف قبل الافتتاح وبعده وقال: “كان المتحف من الداخل مخربًا وقد سرق كثير من محتوياته، وكان جزء من سوره مهدمًا، لكننا قمنا بتنظيفه وإزالة الركام وأعدنا التماثيل إلى أماكنها وأعدنا تسويره، وكان في واجهة المتحف دكاكين صفيح لبيع المازوت وركام، فقمنا بإزالتها بالتعاون مع البلدية والدفاع المدني والمخفر أيضاً، وقمنا بعمل مكان لركن السيارات وأزلنا اللوحات غير المناسبة أمامه.”
وقد ألقا الضيف (فايز قوصرة) مدير الثقافة كلمة أيضاً تكلم فيها عن تاريخ المتحف وأهميته وعن قدم مدينة إدلب:
“في القرن التاسع عشر جاء رحالة إلى هذه المنطقة عام 1862 فوجدها أغنى مناطق سورية وسُميت هذه المنطقة بسورية المركزية، أي سورية تنبع من هنا، وهذا الغنى دفع الكثير من البعثات الغربية والروسية والأمريكية إلى القدوم لاستكشاف المنطقة.
من خلال جولتي الحالية تبين لي أن معظم المسروقات هي نقود الذهب العثمانية والنقود والأدوات الفضية والتماثيل البرونزية وكنز قنية وكنز إدلب وكنز أريحا وكنز تل دنيت.
قمت بدراسة معظم المواقع الأثرية في محافظة إدلب ووثقتها في عدة كتب ومؤلفات عن آثار جبل سمعان وجبل باريشا الذي يحوي 82 موقعًا أثريًّا.
أيام هدم جامع العمري لتحديثه ظهرت لقى أثرية تحته، لكن الهدم كان عشوائياً فلم يهتموا بأهميته الأثرية، فذهبت إلى دمشق وأحضرت كتاباً لإيقاف الهدم ثم توقف وقد ظهرت فيه عواميد أسطوانية الشكل ولها تيجان تعود إلى القرن السادس الميلادي ونقوش أثرية أخرى في الجامع المطمور لأنه بُني فوق دير أثري، وظل المسجد كنسية إلى آخر العهد المملوكي، وهذه الجرة الموجودة في المتحف إلى الآن وُجدت في سقف البناء القديم مطورة وظن الناس أن فيها ذهبًا، لكنها في الحقيقة كانت في الكنيسة للتعميد ويعود تاريخها إلى أواخر العهد المملوكي، بحسب خبرتي بتاريخ إدلب تعود إلى القرن السادس الميلادي.”
قام (عمار كناوي) أمين آثار متحف حلب سابقًا بمرافقة الحضور لشرح تاريخ بعض الآثار المعروضة في المتحف: “الآثار الموجدة في المتحف تبدأ من العصور قبل التاريخ أي قبل أن يكتشف الإنسان الكتابة أو ما يسمى (إنسان الحجر القديم) الذي استخدم أدوات الصوان للصيد وتقطيع اللحم، وهذه نمازج من أدواته من نصال وحربات وسكاكين.
أهم المواقع الأثرية القديمة في إدلب موقع تل المسطومة من عصور قبل التاريخ وقد يمتد إلى نحو مليون سنة.
أغلب آثار إدلب تعود إلى العصر الحجري الحديث من 800 ألف سنة حتى العصر الحجري النحاسي، ثم ننتقل إلى العصور التي اخترع فيه الإنسان الكتابة.
أهم المواقع الأثرية التي وُجد فيها نصوص كتابية هي إيبلا وهي عبارة عن رقم مسمارية، واللغة الإيبلائية جزء من اللغات السامية القديمة، ثم كانت الثورة الصناعية عندما اكتشف البرونز وهو خليط من النحاس والقصدير ثم ظهرت صناعة الفخار.
التقت صحيفة حبر مع (منير قصاص) أحد كوادر عمل فريق آثار إدلب:
“نحن فريق العمل نعمل في الجرد والترميم وفرز الخزائن، تأسسنا عام 2012 والهدف حماية الآثار الموجودة والحفاظ عليها في جميع محافظة إدلب في ظل عدم وجود وعي ووجود قوى أثرية فاعلة، بالإضافة إلى التواصل مع المجالس المحلية والهيئات المدنية للحفاظ على الآثار عن طريق المجالس المحلية وعن طريق الشرطة المجتمعية وطريق المحاكم الشرعية أيضاً لوضع قانون تنظيم عمل الآثار.
حاولنا التواصل مع اليونسكو للتنسيق معها للحفاظ على الآثار، لكن للأسف اليونسكو ترفض التعامل معنا وهي تعترف بحكومة النظام فقط وتنسق معه.
الدعم المادي قليل جدًا لكن استطعنا التغلب عليه بجهود الفريق المتطوع الذين يهمهم آثار البلد، إذ لا يوجد جهة رسمية تدعمنا، إنما ثمة أفراد كالدكتور شاكر شبيب والدكتورة سلام قنطار بالإضافة إلى تواصلاتهم الخارجية من أجل تامين مبالغ تساعدنا على الاستمرار في عملنا، لكن الدعم لا يرقى إلى الطموحات التي نسعى إليها، ونتمنى من المنظمات العالمية المعنية لفت الانتباه إلى حماية الممتلكات الثقافية للحفاظ عليها.
الإمكانيات ضعيفة لكن نطمح لتفعيل شعبة مراقبة تنتشر في محافظة إدلب يكون تعاونها مع الشرطة المجتمعية وفق ضبوط معينة تُقدم، وبالتالي يتولى القضاء الإداري موضوع التعدي على الآثار.
استثمار كنوز إدلب مرحلة مستقبلية من أجل استقطاب السياح واستقطاب البعثات العلمية الأثرية من مختلف دول العالم، أما الآن لابد من إجراءات للمحافظة على الممتلكات الثقافية والمواقع الأثرية لا سيما مدينة إدلب”.