تحقيق : بيبرس الأرمنازي.بالرغم من كل مظاهر الحياة الطبيعية في مناطق النظام كالبيع والشراء وكثرة المحلات والبضائع وتنوعها وتوفر المشافي العامة والخاصة وكثرة الأطباء بجميع الاختصاصات وقرب الدوائر الحكومية بالنسبة إلى الموظفين، وتوفر معظم متطلبات الحياة كالخبز والمحروقات والأمان النسبي، فهناك لا تسقط البراميل المتفجرة والصواريخ، إلَّا القليل من القذائف هنا وهناك ممَّا يجعل الحياة مقبولة نسباً، فلا توجد حالات نزوح لافتة إلَّا أنَّ كل هذه المحفزات على البقاء لم توقف رغبة الكثير من العائلات بالنزوح من مناطق النظام وتركها لما فيها من ظلم وجور.فالخوف الشديد أصبح يعاني منه معظم القاطنين في تلك المناطق، فلقد كثرتْ حوادث الخطف وطلب الفدية من الأهل، وكثرت حالات اغتصاب الفتيات في أفرع الأمن وخارجها من قبل الشبيحة.تقول إيمان الناشطة المعارضة التي تعيش في مناطق النظام: (إنَّ أكثر شيء يخيفني هو أن يضعني شبيح ضمن قائمته فيتحرَّش بي، فهؤلاء لا يوجد عندهم محرمات وكل شيء عندهم مباح ولا يوجد عليهم رقيب فهم يتصرفون وكأنَّهم أسياد، فالعصابات التشبيحية تعمل في ضوء النهار لتعيش وتقتات على لحوم الغزلان التي لا تحسن القفز والهروب) تقول إحدى الطبيبات التي تعمل في مناطق النظام: (إنَّ العمليات التي أجريتها في إجهاض البنات في الفترة الأخيرة تفوق جميع العمليات التي أجريتها قبل نزوح العائلات إلى مناطق النظام، وهذا إذا دل على شيء إنَّما يدل على تفشي ظاهرة الزنا والانحلال الأخلاقي) يقول محمود من سكان حلب الجديدة: (لم أعد أخاف سوى على زوجتي وأولادي فأنا أعمل في مستودع للأدوية وأطرُّ لإعطاء الحاجز القريب من منزلي ما يرغبون به من أدوية خوفاً منهم وليبعدوا شرهم عني، وبعد إشاعة خبر الاحتياط أصبحوا يطلبون مني المال، ولم يعد يكفيهم الدواء، وراتبي لا يكفي إلا لأعيل أسرتي المؤلفة من سبعة أشخاص، وليس لدي مكان آخر أذهب إليه ولا أعرف أحداً في المناطق المحررة)وكان لا بدَّ من سؤال الشرع سؤالين مهمين وهما: ألا يأمر الشرع الإسلامي الحنيف بالهجرة من البلد التي يكثر فيها الكفر والفجور، خاصة بعد تكرار حوادث دخول البيوت واغتصاب النساء والبنات أمام أعين أهاليهم، وهل هناك مبرر شرعي للإقامة في مناطق النظام؟وقد أجاب الشيخ (تميم الحلبي) عن هذه الأسئلة بالتفصيل قائلا: (الأصل في هذا الموضوع هو النظر في حكم أراضي النظام أو بمعنى آخر تكييف دار النظام هل هي أرض كفر أو أرض إسلام، وبالنظر إلى معيار الديار فإنَّ الأرض التي تكون فيها الغلبة للكافرين ولا تطبَّق فيها شعائر الإسلام وأحكامه فهي دار كفر لا دار إسلام، وعليه فلا تجوز الإقامة فيها شرعًا وتجب الهجرة منها إلى دار الإسلام، ويعدُّ المقيم فيها آثماً إلا أنَّه لا يعد بذلك مرتكبًا للكفر.أمَّا الإجابة عن إذا كان هناك مبرر شرعي للإقامة في مناطق النظام أقول: المبرر الشرعي للإقامة في بلد الكفر التي لا يقام فيها الإسلام ويضيَّق فيها على المسلمين ويجبَرون على الالتحاق بمعسكر الكافرين والقتال معهم ويجبَرون فيها على موالاتهم وتأييدهم هو فقط في حالة الضرورة والاستضعاف كعدم وجود وسيلة للهجرة أو لعدم وجود مكان آخر للهجرة إليه أصلح من هذا المكان أو كانت العائلة لا معيل لها، وكذلك حال النساء والمرضى والمعاقين ونحوهم، ولا تعدُّ الوظيفة أو العمل وامتلاك بيت للسكن في تلك المناطق مبرراً للبقاء تحت ولاية الكافرين وحكمهم قال تعالى: (إنَّ الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنَّا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنَّم وساءت مصيراً)97 النساء. والدليل من حديث النبي (ص) (أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين لا تراءى نارهما) النسائي في سننه الكبرى ج4 ص229. وقد قال الإمام مالك (لا يحل لمسلم أن يقيم بأرض يسب فيها السلف ويعمل فيها بالبدع) ومن لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فالواجب عدم الالتحاق بجيوش النظام النصيري الكافر وهذا لا يتم إلا بترك مساكنه وموالاته والمكث في أراضيه)لكن ألا يجب علينا نحن في المناطق المحررة الترويج والعمل على عودة العائلات النازحة من مناطق النظام إلى المناطق المحررة واستغلال الظروف السيئة التي يعيشها الشباب في مناطق النظام في سن الخدمة الإلزامية والذين أصبحوا مساجين في بيوتهم ينتظرون دورهم في التفتيش واعتقالهم وزجهم في جبهات الموت.