عقد الرئيسان الروسي والتركي مؤتمرًا صحفيًا عقب زيارةٍ لبحث قضايا متعددة أبرزها الملف السوري، لكن الحديث في المؤتمر اقتصر على العموميات، ولم يتحدثا بشكل مفصل عن الملف الأهم وهو إيجاد حل سياسي في إدلب.
زيارة أردوغان لروسيا أتت غداة خسارة حزبه “العدالة والتنمية” أهم المدن الاقتصادية في تركيا، أنقرة واسطنبول وأنطاليا وإزمير، تزامنت أيضًا مع انهيار لليرة التركية أمام الدولار الأمريكي مما يزيد افتراضات تراجع الاقتصاد التركي خلال الأشهر القليلة المقبلة.
التركيز على الجانب الاقتصادي كان في مقدمة اهتمامات البلدين فعلى ما يبدو أن الحلول السياسية تأتي وفقًا للمكاسب الاقتصادية التي تشهد انتعاشًا بين البلدين، وربما تكون فعلًا مفتاح الحل لإنهاء المواضيع المتعلقة بين البلدين بشأن ملف إدلب.
هذه المكاسب التي تهدف إلى زيادة حجم التعاون والتبادل بينهما ليصل قرابة 100 مليار دولار سنويًا خلال مدة وجيزة، ومواجهة كافة العراقيل التي تؤدي لبطء حجم التبادل التجاري للوصول للأهداف المشتركة وفق ما أشار الرئيسان.
في الجانب التجاري أيضًا، أنهى أردوغان قراره حول شراء تركيا منظومة الصواريخ إس 400 الروسي التي بدأت تركيا بتسديد أقساطها فعليًا، ومن المفترض أن يتسلمها في تموز المقبل معتبرًا هذا القرار حق من حقوق السيادة، لكن الموضوع الأكثر أهمية هو كيف سيواجه أردوغان العقوبات الأمريكية التي قد تفرضها بعد استلامه المنظومة الروسية؟!
في الملف السوري، تبدو روسيا عاجزة عن فرض تسوية سياسية وهذا ما أكده “بوتين” خلال المؤتمر الصحفي فشل اتفاق سوتشي في إنشاء مراكز ونقاط لمتابعة الوضع في إدلب، وأرتأى أن الحل سيأتي من خلال تشكيل اللجنة الدستورية وإعداد دستور جديد، كما طالب ضيفه التركي الإيفاء بوعوده المتعلقة بالقضاء على التنظيمات الإرهابية مركزًا على التنظيمات الرديكالية بإشارة إلى “هيئة تحرير الشام”، في حين ركز أردوغان على وجود ” 4 ملايين إنسان” في إدلب مع تقلص خيارات الحل فيها أمامه، فإما أن يحارب الهيئة ،التي طالما تعاون معها في كثير من القضايا، هذا الحل الذي سيوقع عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء، ونزوح كبير باتجاه الأراضي التركية، هذه الهجرة التي قد تدفع بتركيا بفتح باب اللجوء للسوريين لأوربا.
في شرق الفرات جدد الرئيس التركي عزم بلاده على “اجتثاث البؤر الإرهابية” التي تهدد أمنها القومي، مشيرًا إلى حزبي الـ ب كا كا/ب ي د الإرهابيين، لكن هل سيقبل أردوغان بإعادة تفعيل “اتفاق أضنة” الموقع مع النظام السوري والذي يصر عليه الجانب الروسي لحماية أمن البلدين؟!
يبدو أن الأمور باتت أكثر تعقيدًا بالنسبة لتركيا داخليًا بخسارة المدن الاقتصادية وخارجيًا بإيجاد حل مناسب لشرق الفرات وإدلب.
ومن الواضح أن تزامن المؤتمر الصحفي مع إطلاق روسيا صواريخ بالستية من بوارجها في البحر المتوسط باتجاه مدينة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي يحمل دلالات عدة، فما هي الرسائل التي تحملها هذه الصواريخ لأردوغان؟!