تقرير : عمر عربرحلة الجوع والحصار لم تترك مكاناً في سورية إلا ونالت منه, لكن يبدو أنها قد حطت رحالها في مخيم اليرموك الفلسطيني في دمشق, فمنذ سنتين والمخيم لا يزال يعاني حالة شبه الانعدام من المواد الغذائية والاحتياجات الطبية الأساسية بسبب الحصار المفروض عليه من قبل قوات النظام، أمر ساهم بارتفاع عدد الوفيات جوعاً في المخيم جلُهم من الأطفال والمسنين, وما يزيد الطين بلة هو منع النظام المنظمات الدولية والإغاثية من إيصال المساعدات إليه, وبالتالي إطالة مدة الحصار لتظهر على أثره أمراض كانت نسبة ظهورها ضئيلة لكنها في المخيم أخذت حيزاً واسعاً من أجساد الناس وخاصة الأطفال الرضع, كأمراض السل والتيفوئيد والجفاف، وبالمقابل ترافقها حالات من الإعاقة الجسدية النفسية نظراً لقلة الغذاء والدواء أمرٌ دفع بالسكان لأن يعتمدوا على الحشائش وأوراق الأشجار كبديل عن الطعام والخبز.ومعاناة الحياة اليومية في تفاقم مستمر خاصة بحلول فصل الشتاء وسكان المخيم يفتقرون لأدنى مقومات التدفئة، بينهم وبين الموت خيط رفيع يكاد أن يقطعه البرد القارص الذي يتخلل أجسادهم وينهش فيها, فهم يعيشون دون غذاء ودواء ودفء أي “موت بطيء”.كان لا بد من تسليط الضوء على معاناة أهالي المخيم المشابهة لباقي المحافظات والبلدات السورية التي يتبع فيها النظام سياسة التجويع والحصار تركيعًا لأهالها ضمن مبادرات فاشلة هدفها توصيل رسالة على أن وجودهم ضمن مناطق خاضعة لسيطرة الثوار هو ما يجعلهم يموتون جوعاًيتحدث أحد نشطاء مخيم اليرموك في ريف دمشق عمر القيصر عن معانتهم, حيث أشار القيصر إلى أن بداية إشراق الشمس على أهالي المخيم يوميا ً يكون بتقاسم أفراد العائلة العمل من الأب و الأم و الفتية والبنات , فيذهب الأب حاملاً دفتر العائلة إلى زيارة مراكز الإغاثة في البلدات المهادنة ليأمن ما يستطيع, ويشتري ما أمكن من الخبز أو الوجبات التي هي غالبا ما تكون من الخضرة وتأمين بعض الفواكه كالحمضيات, بينما تقوم الأم بالذهاب إلى حاجز الشبيحة الذي يوزع فيه صناديق مساعدات تقدمها الأونروا, بينما يبدئ الفتية بجمع الأوعية لتعبئة الماء من أطراف المخيم كمنطقة القدم ويلدا, فمنهم من يعبأ ماءً للشرب, ومنهم ماءً للغسيل, وتقوم البنات بتنظيف البيت, وجمع الحطب للطبخ و التدفئة, ويتوزع كلاهما إلى زيارة مركز طبي لإحضار أدوية ضرورية لأحد أفراد الأسرة المريض, بينما يمضي النهار يوميا هكذا, وغالبًا ما يكون في الأسرة طالب واحد منها يذهبإلى المدرسة التي لا يتوفر فيها سوى الكتب القديمة وهي الحل الوحيد.في ظل ظروف قاسية. المدرسةمعاناة انسانية قاسية من الجانب الطبي والانساني والاغاثي يعيشها اهلي مخيم اليرموك المحاصر من النظام منذ سنتين تحت وابل القصف المستمر والاعتقالات على الحواجز لمداخل البلدات المجاورةو بالنظر إلى النسب التقريبية التي تم إحصاؤها في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين نجد تزايدا فيها بشكل يومي فآخر الإحصائيات سجلت أكثر من (85) يوماً على التوالي من انقطاع المياه، و(515) يوماً على التوالي من الحصار, و (598) يوماً من انقطاع الكهرباء, و (157) شهيدًا بسبب الجوع وقلة العناية الطبية و (9) مساجد متضررة جراء القصف, و (13) مدرسة متضررة تابعة للأونروا, و (3) مشافي متضررة, و مشفى وحيد يعمل بأقل الإمكانيات المحدودة (مشفى فلسطين) و أكثر من (60%) من المنازل متضررة جراء المعارك والقصف, و(95%) من المنازل تعرضت للسرقة جراء الأحداث.لنا كلمة: مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين لا يختلف بمعاناته عن معاناة أهالي الغوطة الشرقية في ريفي دمشق فكلاهما يعيشان تحت وطأة الجوع والتخاذل من كافة الهيئات السياسية والأمم المتحدة والمنظمات التي تعنى بالجانب الإنساني الذي يرى ويشاهد ما يحصل ضمن المخيم من إجرام للنظام وشبيحته, فهم شركاء مع النظام في الحصار لكن بأسلوب آخر وبأداة موت بطيئة, فعدم تأمين رغيف الخبز لا يختلف عن الرصاصة التي تخترق صدر المواطن السوري ولكن بصمت وبدون تحرك من المجتمع الدولي، إن أهالي المخيم يموتون بصمت فهل من مغيث بعد الله؟؟.