مريم إبراهيم |
في ريف إدلب تحديدًا في بلدة بنش، تذهب يوميًّا (أم عمار)40 عامًا أرملة وأم لتسعة أبناء من ريف إدلب الشرقي بلدة الدير الشرقي إلى بلدة بنش لمتابعة علاج ابنتها المريضة كونها حط الرحل بها في مخيم قريب من بنش، وعند سؤالنا لها عمَّن أنشأ المخيم أوضحت بقولها: “نزحنا من بلدتنا في الدير الشرقي منذ 15يومًا، بسب كثرة القصف على القرية، خرجنا هائمين على وجوهنا لا نعلم أين نذهب، أتينا إلى بلدة بنش ولم يكن هناك منازل للإيجار، أمضينا ثلاث ليالٍ تحت أشجار الزيتون، وبعد هذا العناء قام أهالي بنش بالتبرع للنازحين، وأقاموا لنا هذا المخيم الذي نحن فيه الآن.”
ليس حال (أم عمار) هو الوحيد في هذا المخيم، فهناك الكثير من العائلات التي لم تجد مكانًا تأوي إليه، بسب كثرة القصف على المنطقة الجنوبية، فاحتواهم هذا المخيم بجهد الأهالي وتطوعهم في إقامته للنازحين.
تضيف (أم عمار): “نحن مرتاحون جدًا في هذا المخيم، فقد وفَّر لنا الأهالي كل لوازم الحياة، من مأكل ومشرب ومرافق صحية والحمد لله، أتمنى لو تعود الديار آمنة، وأعود إلى منزلي.”
صحيفة حبر السورية التقت مدير المخيم (محمد حج قدور)35عامًا من أهالي بلدة بنش، الذي بدوه حدثنا عن فكرة إنشاء المخيم بقوله: “تكاتف أهالي بنش مع المجلس المحلي، وقاموا بإنشاء مخيم جديد يستوعب النازحين الذين كانوا ينامون بالعراء وليس لهم مأوى. قاموا بجمع التبرعات وشراء الخيم، واستقبلوا النازحين الفارين من القصف، فكانت تلك الخيام ملاذًا أمنًا لهم.”
وعن عدد الخيام والعوائل يُضيف قدور: “المُخيم مؤلف من سبعين خيمة، ويوجد أكثر من 30عائلة بدون خيم ماتزال بالعراء، عدد العائلات التي ضمن المخيم 150عائلة، وعدد أفرادها يتجاوز 600 شخص بين أطفال وشيوخ ونساء ورجال.
دعم المخيم دعم ذاتي من أهالي بلدة بنش، ولا يوجد دعم من المنظمات حتى الآن للنازحين، ونحاول جاهدين تأمين الماء والطعام واللباس للنازحين، وقمنا ببناء مرافق صحية أولية، نأمل من المنظمات في الريف المحرر المساعدة والدعم للمخيم؛ لأن هناك الكثير من العائلات التي بحاجة الى المساعدة، ونحن السوريين نحاول جاهدين، مساعدة إخواننا وأهلنا النازحين من كل مكان تهجروا منه، فهذا واجبنا.”
سكان المخيم أغلبهم من ريف حماة الشمالي، وريف إدلب الجنوبي، جميعهم نزحوا من مناطقهم بسب القصف الهمجي على مناطقهم.”
أما (أم أحمد) 27عامًا من ريف حماة الشمالي بلدة اللطامنة تقول: “نزحنا من قريتنا، وقضى زوجي شهيدًا مع الثوار وهو يحاول أن يدافع عن بلدتنا اللطامنة، لم يقبل الخروج من القرية واستشهد ودفن بها، كان يقول دائما: (لن أخرج من بلادي حتى لو قُتلت بها وأُريق دمي على ترابها الطاهرة) وصدق بقوله وتركني وطفلتي الصغيرتين، وحاليا نازحة مع أهلي هنا، وأكثر ما أتمناه ألا تُحرم طفلتاي الصغيرتان من حقوقهنَّ في التعليم، فهذا النظام يُقاتَل بالعلم أكثر من السلاح، وسننتصر بإذن الله.”
أنهت حديثها أم أحمد بعينين دامعتين، لم تكن هي الوحيدة التي قضى زوجها في الحملة العسكرية الحالية، فمثلها العديد ممَّن قضى لهم أحبابهم وأولادهم وأطفالهم ونساؤهم وتهدمت بيوتهم وهُجروا جراء قصف النظام وروسيا لقراهم ومدنهم وبلداتهم، وأصبحوا نازحين في خيام شُدت حِبالها بعزائم إخوانهم السوريين الذين وقفوا إلى جانبهم وانتشلوهم من تحت أشجار الزيتون وسط اتساع الخرق على الراقع وعجز منظمات المجتمع عن التدخل لإيواء أكثر من مليون نازح.