عمار العلي |
تجلب الحرب الكثير من الأمراض والهموم والأحزان ومشقات الحياة من نزوح وتشريد وقهر وضياع، وليس ذلك فحسب بل إن حزن الأهل على أطفالهم وفلذات أكبادهم
أقسى بكثير.
هذا حال (أحمد أبو علي) النازح والمشرد الذي يعيش في مخيمات اللجوء، فأحمد لديه ثلاثة أطفال يحبهم ويرعاهم ويتمنى أن يعيشوا بأفضل حال في صحة وعافية،
وكان أصغر أطفاله (أمل)، ومع مرور الأيام بدأت أمل بالنمو وسرعان ما لاحظ أبو علي على ابنته الصغيرة أشياء غريبة واختلافات واضحة تميزها عن أقرانها من صغر في الحجم ونقص نمو وعدم تطور مرحلة الإدراك عندها، وكذلك عدم القدرة على المشي والنطق بشكل صحيح.
فقام بعرضها على دكتور أطفال، وعند فحصها وإجراء التحاليل والفحوص التشخيصية تبيَّن للطبيب أن (أمل) تعاني من ضمور المخ أو ضمور في الدماغ (وهو مرض يصيب الأطفال، ويعرف بأنّه الضرر الذي يصيب خلايا المخ في السنوات الأولى من عمر الطفل؛ حيث يكون المخ في أول نموه ، وهو واحد من الأمراض الأكثر انتشارًا بين الأطفال، وضمور المخ واحد من الأمراض العصبيّة؛ حيث تتلف خلايا المخ كلها أو جزء منها، وبالتالي يقوم الشخص بحركات لا إرادية مثل عدم التحكم بالجلوس، أو الوقوف والمشي، وحركات اليدين والرجلين، وفقدان التركيز والتفكير عند الإنسان.)
تفاجأ (أبو علي) وصعق من الخبر وحزن حزنًا شديدًا على ابنته الصغيرة (أمل)
كما زاد هذا الأمر من همومه، حيث إن هذا المرض مزمن ويحتاج الكثير من العلاج والمداومة على زيارة الأطباء بشكل دوري، كما أن تكلفة العلاج غالبًا ما تكون باهظة وتحتاج الكثير من المصاريف والمال، وكذلك يحتاج مثل هؤلاء المرضى للعلاج الفيزيائي والرعاية الدائمة والكثير من الاحتياجات الخاصة.
وفي حديث مع صحفية حبر قال (أبو علي): “يبلغ عمر ابنتي (أمل) سنتين، وهي مصابة بمرض ضمور الدماغ عند الأطفال، واكتشفنا إصابتها منذ خمسة أشهر
حيث إنها لا تستطيع المشي أو الجلوس، وعندها تشوه في أحد عينيها وتحتاج الكثير من المصاريف والمال والعناية الخاصة كونها لا تستطيع الاعتماد على نفسها،
وقد طلب منا الطبيب أن نجري لها صورة طبقي محوري، ومنذ خمسة أشهر أحضر لها الدواء وقيمته عالية، وقد يستمر الطبيب بوصف الدواء لها وهذا الأمر يشكل صعوبة كبيرة لدي كوني نازح ولا يوجد لدي عمل.”
وقد أثَّرت الحرب بشكل غير مباشر أو مباشر على زيادة حالات ضمور الدماغ، ومن الأسباب غير المباشرة نقص الكوادر الطبية ونقص الحواضن وأجهزة الأوكسجين ونقص الأدوية اللازمة، ومن الأسباب المباشرة السلاح الكيماوي الذي استخدمه النظام السوري المجرم في أكثر من منطقة في سورية.
وللمزيد عن مرض ضمور الدماغ التقت صحيفة حبر مع الدكتور (باسل الأصفري) المختص بأمراض الأعصاب، حيث أفادنا بقوله: “غالبًا ما يكون المرض مرتبط بالوالدة أو بالحياة الجنينة أو نتيجة نقص أكسجة أو يكون نتيجة إصابة بفيروس أثناء الحياة الجنينية أو يكون وراثيًا، ويكون علاجه محافظ ويتضمن فيتامينات وموسعات وعائية وبعض أنواع الحليب والمقويات وبعض المنشطات والحقن الخاصة.”
وأضاف (الأصفري): “الأدوية موجودة في السوق بعضها رخيص والبعض غالٍ، ولكن يكون العبء بتكرار الوصفة لمدة كبيرة قد تصل إلى سنتين.”
أمل ليست الحالة الوحيدة التي تعاني من نقص نمو الدماغ، وأبو علي ليس الأب الوحيد الذي لديه طفل معاق، بل يوجد العديد منهم في الشمال السوري المحرر، كما أن الكثير من البيوت فيها حالات إصابة جراء القصف المستمر منذ سنوات، وكلهم بحاجة إلى مساعدة.