خلال السنوات الماضية من تأزم الأوضاع في سورية لجأ السوريين إلى بلدان عدة ومنها تركيا، لكن الشعب السوري وبشهادة أغلب البلاد “شعب لا يقهر” فهم، وبعد الأوضاع التي مروا بها، ومنهم من فقد أحد من عائلته أو منزله أو شركاته، لم يفقدوا الأمل في بناء مستقبل خارج سورية، كمثال بسيط لجأ الكثير من التجار السوريين إلى تركيا، وبدؤوا ببناء مستقبل لهم، وأسسوا شركاتهم بمساعدة من الحكومة التركية والشعب التركي خلال السنوات الأولى منذ دخولهم تركيا، وبشهادة الأتراك فإنَّ السوريين تركوا بصمة تجارية في تركيا لم تسطع أي من الشعوب التي لجأت إلى البلد تركها.
يقول “سامر حجازي” وهو مؤسس مشروع “شركة الحموي الغذائية” لصحيفة حبر: “نحن هنا أسسنا شركة الحموي في تاريخ 31/4/2014 أي أننا في السوق التركي والسوري منذ ما يقارب الثلاث سنوات ونصف، وعندما بدأنا بتأسيس الشركة كنَّا من أوائل السوريين الذين ابتدؤوا بتأسيس شركة سورية غذائية في غازي عينتاب، وفي حينها بدأنا بالعمل مع أشخاص أتراك محترمين جداً، وكان تعاملهم معنا وكأننا أولاد هذا البلد، لكن بالمقابل توجد طبقتان من الأتراك، طبقة شعبية وطبقة التنظيم والعمل، وهؤلاء من عملنا معهم.”
ويتابع حجازي، بخصوص الدولة التركية: “فهم من رخصوا لنا شركتنا، وأوضاعنا أصبحت تسير بشكل قانوني، وتلك هي الميزة الأولى في تركيا، أي أنَّهم يرخصون الشركات بشكل سهل وسريع، للسوريين وغيرهم، وبمجرد أن تمتلك جواز سفر إن كان سوريا أو تركيا أو من أي بلد آخر، حينها يجب أن تعتبر أنَّ ترخيص شركتك أصبح بين يديك، والحكومة التركية قدمت تسهيلات كبيرة للسوريين من جهة التجارة، كانت توجد ضرائب لكن لم يتم التدقيق عليها، وإذن العمل لم نكن مجبرين عليه، كذلك التراخيص الكاملة لم نكن مجبرين عليها، أي أنَّهم أمهلوا السوريين مدة ثلاث سنوات ليأسسوا شركاتهم، وفي هذه السنة أٌبطل القرار، لكن الحكومة كانت على علم بأنَّنا لم نأتِ بإرادتنا إلى تركيا ونباشر بتأسيس شركات لنا، وأنَّنا أٌجبرنا على ذلك رغماً عنا.
وبالمقابل فإنَّ الشركات التركية والأتراك بشكل عام شعب ناجح يحب العمل بشكل هستيري، وخلال العشر سنوات الماضية ازدهرت التجارة التركية بشكل كبير، وذلك يعود للشعب العامل الذي يسعى إلى النجاح ليلاً ونهاراً، فمن الطبيعي عندما نرى شخصاُ ناجحاً نسير خلفه لنصبح مثله أو حتى أفضل منه، وهذا ما حصل مع أغلب الشركات السورية عندما شاركت الأتراك في شركاتها.
ويكمل التاجر سامر حجازي: “لكن اليوم الشركة التي أسستها أصبحت مثلها مثل الشركة التركية بخصوص الضرائب، بالمقابل أنا خلال الثلاث السنوات الماضية أسست الشركة بشكل سهل وبوقت مريح جداً، لكن إن كنت أفعل ذلك منذ سنتين فإنني بعد عدة أشهر أغلق الشركة وأجلس في منزل دون عمل، لكن منذ فترة بدؤوا بالتدقيق على الشركات السورية وبإغلاق الشركات السورية غير المرخصة لأنَّهم أساساً أمهلوهم فترة ثلاث سنوات للتأسيس بشكل مريح، وبحكم ذلك فإنهم يعتبروننا الآن منهم وفيهم، والقانون الذي يصدر على التركي ينفذ عليه وعلى السوري بشكل قانوني.”
ويضيف حجازي: “لكل شركة توجد سياسة خاصة بها، لكن نحن بشركة الحموي قمنا باختيار سياسة الوقوف بجانب الشركات التركية بشكل تام، وإرادتنا كانت أن نكون معهم يدا واحدة، ولا نريد أن نكون منافسين لهم أو نكون على الطرف الآخر، حيث إنَّ الشركات السورية معظمها هنا تبني مستقبلها دون تركي أو غيره، لكننا نحن نفعل عكس ذلك، لأنه بهذا الفعل تكون علاقتهم سيئة بالشركات التركية حتى وإن تعاملوا معهم فيما بعد يكون تعامل الأتراك معهم سيء للغاية، لأنهم من البداية لم يتعاونوا سوياً، وبسبب ذلك نحن بنينا جسوراً قوية لشركتنا بالعراق ودبي، وسنبدأ بالعمل في أوروبا، والسبب الرئيسي يعود للأتراك أساساً، بالمختصر تركيا أرض خصبة للنجاح، وهذا مكسب لنا.”
وبما يخص المقارنة بين التجارة في تركيا والتجارة في سورية يقول حجازي: “يوجد فرق كبير جداً، فإننا في سورية، وأنا مسؤول عن كلامي، نحن كنا في مزرعة تجارية لبيت الأسد، فهم كانوا مسيطرين على كل شيء حتى المينا، والمشكلة أن المستلم ينهش بخيرات البلد، لكن أنا أتحدى التجار هنا إن كانوا يستطيعون الدخول إلى المينا في سورية، ولماذا هنا أي تاجر سوري أو تركي إن كان يملك هوية تجارية يستطيع الدخول بشكل فوري إلى المينا؟!”
ويشير حجازي إلى أنَّ التجار في تركيا تفتّحت أعينهم على التجارة أكثر بكثير من سورية، فيما كانوا في سورية يحرمونهم من نظام التجارة الإلكتروني، من تدريس المحاسبين إلى نظام الشركات… الخ، كان ذلك شبه مفقود، وكان يوجد تطور، لكن بشكل بسيط، لكن هنا كل شيء متاح لكافة التجار من كافة الجنسيات وللصغير والكبير، فيما أنَّه في سورية موظف الهجرة والجوازات مستقبله على ذات الكرسي يموت وهو على الكرسي، لكن هنا الموظف من الممكن أن يصبح سفير في المستقبل!”
ويختتم حجازي حديثه “نحن كشركات سورية أٌسست في تركيا وضعنا بصمة تجارية فعالة في تركية، والإخوة الأتراك يشهدون بذلك بقولهم “نحن مر علينا حروب كثيرة في الدول المجاورة لتركيا مثل الشيشان والعراق وروسيا والآن سورية وجميعهم لجؤوا إلى بلدنا بكميات كبيرة، لكن لا يوجد أي من الشعوب استطاعت أن تضع بصمة في تركيا كالبصمة التي وضعوها التجار السوريين في الدولة، كمثال: باستطاعتك اليوم أن ترى المجمعات التجارة الرائعة في ولاية اسطنبول التي بالأساس أسسها سوريون، وتلك هي البصمة التي وضعناها في أذهان الأتراك.”
بدوره يقول مالك ومدير مشروع دليلك في عينتاب فراس العلي لصحيفة حبر: ” أثناء عملي بالتحرير الصحفي كان لدي مساحة من الوقت لم أستفد منها بشكل يومي، من هنا جاءت فكرة دليلك في عينتاب، حيث بدأت بإنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، ومع الوقت توسعت خدماتها إلى أن تحولت لمجلة إعلانية بعد سنة كاملة من انطلاقة الصفحة.”
ويتابع العلي: “الآن وصلت مجلة دليلك إلى عددها السابع عشر، وما زلنا مستمرين بكادر عمل وصل إلى 13 موظف وموظفة، كل هذا حصل من لا شيء، أما المنجزات التي نفتخر بتحقيقها فهي توظيف أكثر من 700 لاجئ ولاجئة سورية بوظائف مختلفة، وتقديم خدمات عامة لأكثر من 5000 آلاف متابع، فيما أصبحت الصفحة المصدر الأول للسوريين في عينتاب.”
ويكمل مالك مدير مشروع دليلك في عينتاب: “حالياً نبدأ بتنفيذ النشاط نفسه في هاتاي لتشمل خمس مدن وهي: أنطاكيا والريحانية وكاراخان والعثمانية ولواء إسكندرون، فيما نسعى لأن نكون مصدر التسويق والمعلومة الأول في تركيا بالنسبة إلى السوريين، على الأقل بهذه الخطوة نكون قد نظمنا المراجع التي تعتبر مصدر استفادة مجاني للسوريين.