جاد الغيث
عرس في الجنة
لبست سلام فستان زفافها، ووقفت أمام المرآة الكبيرة، فقال الفستان لها:
كنت أتمنى أن تلبسَني شابة أكثر منك جمالاً، لكن قلبك أشد بياضاً من لوني الزاهي، لذلك فأنا مسرور معك وأرجو لك السعادة.
سالت دمعتان من عيني سلام، وصار وجهها مضيئاً كأنَّه قمر صغير، حتى أنَّ كلَّ من رآها في تلك الليلة لم يصدق بأنَّها هي.
نعم، لقد كانت تبدو كالملائكة حين أخرجوها من تحت الأنقاض، ودفنوها شهيدة في ثوب زفافها في قبر بجوار قبر عريسها.
باختصار لقد هوى برميل متفجر دمَّر كلَّ شيء، ونقل صالة الأفراح من الأرض إلى
السماء.
قطرة مطر
قال فستان الزفاف لأحلام:
أشعر بشعور بهجٍ لأنَّ الطرحة التي تضعينها على رأسك أصبحت جزءا مني، وجهك يبدو مضيئاً دون أحمر الشفاه، وعيناك جميلتان دون كحل، أعلم أنَّ قلبك طاهر ومؤمن، لذلك أنا أحبك.
كان ذلك جزءاً من حلم، وحين فتحت أحلام عينيها وجدت نفسها في خيمة لجوء تتساقط من سقفها قطرات مطر، تذكرت زوجها الذي استشهد برصاص قناص، ونظرت إلى طفلها النائم بجوارها كالحمامة البيضاء.
لم تستطع أحلام أن تكمل حلمها ولا أن تكمل نومها، وكلما سقطت قطرة مطر تسيل من عينيها دمعة حتى أشرق الصباح فنهضت أحلام لتعانق الأحلام.
عرس علياء
قال لها فستان زفافها:
أعلم بأنَّك تتألمين في داخلك، فكل مظاهر الفرح حولك لا تجلب لك السعادة بعد أن ضاع منك شيئاً ثميناً جداً، لكن لا تحزني، فزوجك يحبك ويساوي وزنه ذهباً، لا تنظري إلى الوراء وابدئي حياة جديدة.
تحسست علياء جسدها من فوق قماش فستان زفافها، شعرت كأنَّ ناراً تشتعل من تحت قماشه الأبيض المطرز بالخيوط الحريرية المزين بحبات اللؤلؤ، وتذكرت وجوه الرجال الثلاثة الذين تناوبوا على اغتصابها حين كانت في المعتقل، أطلقت صرخة قوية وانهارت دموعها كسيل جارف.
وأخيرا ظهرت أمام المدعوين في صالة الأفراح، كانت خاوية وشعرت كأنَّها تبدو عارية تماماً.
قطعة حلوى
وقفت مرح التي تجاوزت السابعة والعشرين أمام واجهة زجاجية، كان فستان زفافها يخطف الأبصار وينظر إليها باستعلاء.
في سرها قالت مرح للفستان:
اشتقت إليك، متى تلامس جسمي بخيوطك البيضاء الرقيقة، لكن للأسف أنا بدينة ولا يمكنني ارتداؤك!
ردَّ الفستان: عليك أن تخسري الكثير من الوزن فأغدو مناسباً لك، لكن قبل ذلك أين هو الزوج الحبيب في قلب الحرب؟!
أكملت مرح خيالها وقالت لفستانها:
أرجوك يا حلمي إذا وقف الحبيب يوماً ما أمامك فأخبره بأنِّي اشتقت إليه وانتظرته طويلاً!
ثمَّ مضت مرح في طريقها وكان في يدها قطعة كبيرة الحلوى تأكلها بشراهة، لم تكمل الطريق إلى آخره، فجأة هوى صاروخ ارتجاجي حوَّل كلَّ شيء إلى أشلاء، مرح والعابرين والأبنية المحيطة والمحلات وفستان الزفاف أيضاً!
لكن ماذا جرى لقطعة الحلوى؟!
هناك في عالم آخر كانت مرح تأكل قطعة حلوى جديدة كانت ما تزال طازجة وتبدو شهية جداً.