علي الدالاتي |
بينما كانت الخالة (أم آية) تنهي أحد الألبسة الصوفية التي ستوزع على أحد أطفال المخيمات، لتبدأ الحديث قالت: “بعد نزوحنا من مدينة (خان شيخون)، بدأت أبحث عن عمل ضمن مجال مهنة الخياطة وحياكة الصوف التي أجيدها لأعيل أولادي الأيتام، لكني لم أجد، إلى أن تم افتتاح مشغل الخياطة التابع لمنظمة (هذه حياتي)، وبدأت العمل به لأعيل أسرتي.”
وأضافت بأنها مسرورة بالعمل في المشغل، لأمرين: الأول أنها تعمل، والآخر أنها ستساهم بعملها برسم البسمة على أطفال المخيمات حينما يشعروا بالدفء.
(أم آية) ليست الأرملة الوحيدة في إدلب، حيث يعيش في المحافظة أكثر من أربعة وأربعين ألف أرملة حسب إحصائية نشرها فريق (منسقو استجابة سورية) في النصف الأول من العام الجاري، ولكن خيارات تأمين لقمة العيش تضيق بهم يومًا بعد يوم مع زياد أعدادهنَّ وتقلص المناطق المحررة، هذا ما قاله لصحيفة حبر (سارية بيطار) مدير مجموعة (هذه حياتي) في إدلب، وأوضح أنه: “بسبب تلك الإحصائيات المرعبة أنشأت المجموعة مركز (هذه حياتي) للتدريب والتطوير المهني في مدينة إدلب.”
وأضاف (بيطار) أن “الفكرة أتت للمجموعة من الحملة التي نقوم بها بتوزيع الألبسة الشتوية على الأطفال المحتاجين في المخيمات، ولكن بدل من أن نشتري هذه الالبسة من الأسواق أردنا أن نصنعها نحن، فقامت المجموعة بافتتاح مشغل الخياطة، الذي يتكون كادره من نساء الشهداء والمعتقلين بهدف تحقيق تمكين مادي لهؤلاء النساء.
وبعد أن قامت المجموعة بتجهيز المركز بالآلات اللازمة، بدأ المركز بإنتاج اللباس الشتوي من جاكيت وملابس صوفية للأطفال والبالغين، وبعدها بدأنا بالمركز بمشروع (تدوير الألبسة المستعملة والقديمة) بحيث نحول تلك الألبسة لأكياس قماشية صديقة للبيئة، لنقوم بعد ذلك بتوزيعها كونها صديقة للبيئة، ويعاد استخدامها بدلاً من أكياس النايلون التي تضر البيئة، ومع انتشار أزمة كورونا قمنا بتحويل الألبسة المستعملة إلى كمامات قماشية.”
وأفادت السيدة (أم قاسم)، وهي زوجة أحد الشهداء وتعمل في المركز، أنها بدأت العمل في حياكة الصوف بالمشغل لتعيل أطفالها الثلاثة بعد استشهاد والدهم، ولم تكتم (أم قاسم) شعورها بالفرح بسبب تحولها لشخص منتج، ولأنها بعملها تساعد أطفال المخيمات.
وأضافت (أم قاسم) أنها تتمني أن يتطور العمل ويستمر المشروع لتستطيع زيادة دخلها، ويستفيد منه عائلات إضافية، وليستطيعوا إقامة دورات لنساء الشهداء على حياكة الصوف والخياطة أكثر، كما تمنَّت أن تتوجه مشاريع دعم المرأة نحو المشاريع التنموية التي تمكنها ماديًا، حيث تستطيع المرأة بهذه الحالة إعالة نفسها وأسرتها.
وأفادت الآنسة (علا) وهي مديرة مركز (هذه حياتي) للتدريب والتطوير المهني، والمشرفة على المشروع بأن “فكرة المشروع تامين فرصة عمل لزوجات الشهداء والمعتقلين، فبدل قيامنا بتوزيع مساعدات لفترة محدودة، قمنا بتامين فرصة عمل لهنَّ بالمشروع ليعلْنَ أنفسهنَّ وأطفالهنَّ ويكنَّ عنصرًا منتجًا بالمجتمع، كما قمنا من خلال المركز بتأمين الألبسة التي سنوزعها هذا الشتاء في المخيمات على الأطفال والأيتام والنازحين.”
وأضافت بأن المشروع أصبح عمره أكثر من ثلاثة أشهر، وما يزال مستمرًا في عملية الإنتاج، وسيتم بالفترة القادمة البدء بعملية التوزيع مع الاستمرار في عملية الإنتاج.