موسى الرحال
مع انطلاق الثورة السورية بدأ السوريون رحلة النزوح من منازلهم وقراهم نتيجة الهجوم العسكري الذي طال بيوتهم ذاهبين إلى مناطق وقرى أكثر أمناً كما يعتقدون، وتعتبر معاناة النازحين في سورية واحدة من المآسي التي يتعرض لها الشعب السوري؛ لأنَّ المدن التي ينزحون إليها لا تقل خطورة عن مسكنهم الأصلي.
ماهي المجالس المحلية، وما دورها في مساعدة النازحين والتخفيف من معاناتهم؟
مع تزامن الحرب السورية تزامنت الكوارث الإنسانية التي سببها بطش قوات الأسد، فقد تضرر أعداد هائلة من المدنيين، ومعها بدأ الناس بتقديم المساعدات لبعضهم البعض، ونشأ ما يسمى بالمجالس المحلية وهي البديل عن الدولة المدنية الغائبة في المناطق التي خرجت عن قبضة نظام الأسد.
تدار هذه المجالس من قبل أهالي المنطقة ذاتها، وتقدم العديد من الخدمات على نطاق التعليم والنظافة وغيرها من الخدمات، فضلا عن تقديم الإغاثات الإنسانية والطعام وتجهيز المآوي للنازحين.
1_ماهي جهودكم لتوفير احتياجات النازح في رمضان؟
2_ما الإجراءات التي تقومون بها لإيصال السلل الإغاثية إلى مستحقيها؟
3_لماذا البعض يقول: لا تصلنا إغاثة؟
أسئلة طرحتها صحيفة حبر على عدد من المجالس المحلية في ريف حلب الغربي.
في مجلس مدينة الأتارب الأستاذ (مصعب عبد الحي) رئيس المكتب الإعلامي للمجلس تحدث مجيبا على تلك الأسئلة:
“أولا يسعى المجلس جاهداً لتأمين أكبر عدد ممكن من السلل الإغاثية منذ بداية شهر رمضان وإلى الآن، كما تم التنسيق مع عدة منظمات لتأمين وجبات الإفطار للنازحين، وقد تم قبول معظم هذه التنسيقات.
أما بالنسبة إلى الإجراءات التي نقوم بها فقد تم تقسيم مدينة الأتارب إلى عدة قطاعات، وكل قطاع يديره شخص يملك المعلومات الكافية عن النازحين في قطاعه، ويعتبر الشخص مرجعا لهؤلاء النازحين، وعند حدوث أي مشكلة يتقدم المواطنون بالشكاوى، ويتم مراجعة مكتب مساعدة المواطن لتلافي المشاكل التي تحصل أثناء التوزيع الإغاثي.
أما عن كلام بعض الذين يقولون لا تصلهم إغاثة، فهذا أمر طبيعي، وهذا الشيء نعاني منه من قبل النازحين والمقيمين، وتم تقديم عدة حالات كهذه، وعند المراجعة والتحقق وجد غير ذلك، لكن سبب قلة السلل الإغاثية يؤدي إلى تخفيض عدد المستفيدين، وسبب النقص هو تخفيض بعض المنظمات للدعم وكثرة أعداد النازحين منذ بداية التهجير القسري من حلب وريف دمشق وغيرها.
أما مجلس قرية معارة الأتارب، أجاب الأستاذ (محمد العمر) رئيس المجلس المحلي للقرية عن الأسئلة السابقة.
“نسعى وبكامل طاقتنا لتوفير ما يلزم النازحين والمحتاجين والأيتام، وخاصة خلال هذا الشهر الكريم، لكن توقف بعض المنظمات عن العمل أدى إلى نقص في كمية السلل الإغاثية، وتجنبا لزيادة معاناة أهلنا النازحين في القرية قمنا بجمع تبرعات من أهل القرية، وتم توزيعها عليهم حسب الحاجة.
ومنذ بداية شهر رمضان انطلقت حملة توزيع وجبات الإفطار على النازحين والفقراء من القرية، وبالمقابل هناك شح شديد بالإغاثة وخاصة خلال الفترة الأخيرة بعد ذهاب معظم المنظمات الإنسانية إلى الريف الشمالي.
أما عن كيفية إيصالها للمستحقين، فنحن لدينا معايير لاستحقاق السلة، والأولوية عندنا للنازحين ثم الأيتام والأشد فقراً من المقيمين وهكذا حتى نشمل أكبر شريحة من المحتاجين، وكل ذلك يكون حسب إمكانيتنا التي نملكها.
أمَّا عن الذين لا تصلهم إغاثة حسب كلامهم، فهذا حال بعض الناس، فدائما هناك شكوى من المواطنين بأنَّه لا تقدم أية مساعدة لهم، لكن عند الاطلاع والتأكد من صحة هذا الكلام وجدنا أنَّ الأشخاص الذين يقولون كذلك ربما تأخر دورهم لشهر أو أقل بسبب النقص الحاد في كمية الإغاثة وكثرة عدد النازحين الذين يصعب علينا تغطيتهم بشكل كامل.”
معاناة النازحين والفقراء من تذبذب الأسعار في الأسواق.
تعتبر الأسواق ملاذ الفقراء من الغلاء، لكن الأمر يختلف يوما تلو الآخر، ففي ريف حلب الغربي يوجد عدة أسواق تعتبر مراكز لتجمع الفقراء، حيث يقصدونها لأنَّهم يجدوا فيها ما هم بحاجة إليه وبأسعار أقل من المحال التجارية المتفرقة.
تشكو أسواق ريف حلب تذبذباً ملحوظاً في أسعار الخضار، وقد تهاوت أسعار الخضار في بداية شهر رمضان ووصل معدل انخفاضها إلى 50 %.
“حسين أحمد” بائع خضار في سوق الأتارب يقول: “إنَّ سبب تهاوي الأسعار بهذه السرعة يرجع إلى كثرة الخضار المطروحة في السوق وقلة الطلب، والسبب الأهم توقف التصدير إلى مناطق سيطرة النظام، ووصلت الأسعار في بداية رمضان إلى الشكل التالي:
الخيار 50 ليرة، البطاطا 110 ليرات، الكوسا 200 ليرة، وأشار حسين إلى ارتفاع سعر الباذنجان لقلة زراعته في المناطق المحررة واستيراده من المناطق الساحلية.
وأضاف أيضا أنَّ الفواكه تشهد ارتفاعاً كبيراً في أسعارها، حيث بلغ سعر كيلو الكرز 1000 ليرة، والخوخ والمشمش 500 ليرة، لكن الناس لا يهتمون لأسعار الفواكه بقدر اهتمامهم بالخضار التي هي قوت يومهم ومشترياتهم اليومية.
رغم الأوضاع الإنسانية المتردية التي يعيشها النازحون والمقيمون في الداخل السوري، ورغم حجم المعاناة، يتمسك السوريون بخيط أمل يرسمون به مستقبلهم الذي طالما حلموا به منذ نعومة أظفارهم، معلنين إصرارهم واستمرارهم رغم فتك نظام الأسد حتى زوال الظلم الذي لبث في البلاد طويلا.