من غير المعقول عدم أخذ فروقات أسعار الصرف بعين الاعتبار عند تقديم رواتب المدرسين وبقاء مرتباتهم الشهرية على حالها دون زيادة لمواجهة التغيرات التي حدثت على أسعار الصرف وغلاء المعيشة، الأمر الذي أدى إلى ظهور احتجاجات واسعة شهدتها مناطق درع الفرات.
المعلم محمد نبهان 24 عامًا يتجه إلى المدرسة التي توظف بها قبل عامين، بعدما طردت قوات الجيش السوري الحر تنظيم داعش من محيط مدينته مارع التي حُوصرت مدة عامين تقريبًا بدعم من القوات التركية في معركة درع الفرات، إذ إن محمد قرر العمل مُدرسًا متطوعًا في الفترة السابقة أي الأعوام التي سبقت حصار المدينة من قبل التنظيم، وذلك عندما توقف عمل المدراس وحتى العديد من المرافق العامة التي كانت تمدُّ المنطقة بالخدمات نتيجة تضررها واستهدافها من قبل مدفعية وطيران النظام.
صحيفة حبر التقت المعلم (محمد نبهان) الذي سرد لنا معاناة المُدرسين وسدِّهم لثغرة التعليم في الريف الشمالي رغم كل الصعوبات التي مرُّوا فيها خلال السنوات السابقة وحاليًّا، يقول: “حاولت جاهدًا مع العديد من الزملاء منع توقف المدارس في مدينة مارع رغم توقف الرواتب، وخلال السنوات السابقة واجه الأطفال الكثير من المصاعب التي وقفت عائقًا بينهم وبين التعليم، ولعل ذلك يرجع إلى الحالة النفسية التي أصبحت لدى الأطفال، لذلك لم نبخل بالتضحية في سبيل إنقاذهم من الجهل الذي أوقعته الحرب عليهم وعلى مستقبلهم”.
وأوضح: “خلال عام 2014 ، 2015 تبنت إحدى المنظمات أمر دعم المدارس، وتقديم الرواتب والقرطاسية للطلاب، لكن كانت الرواتب مقتصرة على فترة العام الدراسي فقط ثمانية أشهر، وذلك بغض النظر عن ضعف المرتب الذي تقدمه المنظمة”.
وبعد سيطرة قوات المعارضة المسلحة بدعم من القوات التركية على ريفي حلب الشمالي والشرقي، قدمت التربية التركية العديد من الخدمات والمشاريع للمنطقة، ومن أهمها التعليم الذي يعدُّ مرحلة مستقبلية للمنطقة وذلك بإنشاء جيل ينهي مآسي السوريين، حيث قامت التربية التركية عبر المجالس المحلية ومكاتبها التربوية بتقديم الرواتب للمعلمين في المنطقة، دون النظر إلى قيمته مقابل الليرة السورية.
وحول ذلك يقول محمد: “في الشهر الرابع من عام 2017 قدمت المكاتب التربوية في المنطقة رواتب للمعلمين كانت تعدُّ جيدة خلال تلك الفترة.” وكانت تقدم التربية التركية 500 ليرة تركية لكل معلم شهريًّا، أي ما يعادل 75 ألف ليرة سورية وذلك عندما بدأت بتقديم الرواتب، لكن انخفضت قيمة الليرة التركية مقابل الليرة السورية خلال هذا العام، مما أدى إلى انخفاض رواتب المعلمين، حيث أصبح راتب المعلم مقابل الليرة السورية 37500 وهي لا تكفي لأسبوع واحد مقابل غلاء الأسعار في المنطقة.
وشهد يوم الخميس 4 أكتوبر /تشرين الثاني إضرابًا شاملاً في كافة مناطق ريفي حلب الشمالي والشرقي، وذلك احتجاجًا على قلة قيمة الرواتب المقدمة من قبل التربية التركية، فيما طالب المعلمون في مدينة أعزاز بزيادة رواتبهم خلال وقفة احتجاجية أمام مبنى التربية وسط المدينة، بعد أن قرروا إقامة إضراب شامل في المنطقة.
وتجدر الإشارة إلى أن الكثير من المعلمين يواجهون أزمة قلة الرواتب وضعفها مقابل مقدرات مصروف الدخل الشهري للأسرة، بينما تواجه العملية التربوية خطرًا يمكن أن يضعف تقدمها، لا سيَّما أن الكثير من المعلمين يحاولون البحث عن عمل آخر يسد حاجات أسرهم. ويعدُّ المعلمون اللبنة الأساسية في المجتمع لأنهم يبنون أجيالاً سيكون لكل منهم مستقبل ربما ينهض بالمجتمع، فعلى المعنيين سدّ حاجات المعلم أولاً ليقدم أفضل ما عنده للطلبة.