ندى اليوسف |
لدور النشر أحقية الاستحواذ على حقوق الملكية في كتاب ما؛ لطباعتها له ونشره وفرض العقوبة القانونية على كل من ينشره خارج دارها.
أما في المحرر السوري الأمر بدا مختلفًا تمامًا، إذا حلت المكاتب البسيطة ذات الإمكانيات المحدودة محل دور النشر، فأخذت تصدر نسخًا عن الكتاب الأصلي.
القائم على شؤون مكتبة (نقش) في إدلب (أيمن نبعة) يرى أن هناك عدة أمور تسمح لهم بنشر الكتب، حيث وضَّح بقوله: “بعض الكتب ننسخها بناءً على طلب بعض الأشخاص من أجل دراسة جامعية، أو من أجل تحضير رسالة ماجستير، أو حلقة بحث، أو اقتطاف جزء معين لإلقاء محاضرة، أو نحو ذلك من الشؤون العلمية، فنحن في هذا الجانب نسهِّل عليهم لا أكثر”.
وأردف: ” قد يكون طباعة هذه الكتب لدينا للتجارة البحتة، فنحن في المكتبة نطبع أي كتاب يمكن أن يكون رائجًا، ونضعه بالمكتبة ونروج له ونبيعه بشكل اعتيادي”.
أما عن السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا لا يتم توفير الكتب من دور النشر ذاتها وطرحها في الأسواق، وهي التي اشترت حقوق النشر وتعذبت بالمال والجهد والتعب؟! أجاب نبعة: “نحن في سورية عمومًا وإدلب خصوصًا، لدينا ظرف استثنائي ألا وهو الحرب، فالفرد يحصّل قوت يومه بصعوبة بالغة، فكيف له أن يشتري كتبًا ذات سعرٍ مرتفع، لا سيما وضع الطالب معدومًا.”
وأضاف أن “استيراد الكتب من دار النشر يأخذ وقتًا طويلاً يستمر لأشهر أحيانًا؛ لعدم توفر النقل، فأنا عندما أحتاج كتابًا موجودًا في المغرب، فإمكانية استيراده أمر صعب، فأنا إن لم أشترِ حاوية كاملة، فالأمر سيكلفني الكثير الذي سيتجاوز 10 آلاف دولار، إضافة إلى أنني غير متأكد من بيعها بالكامل، وذلك يجعل خسارتي كبيرة.”
ونوه إلى أننا “لا نستطيع تأمين كل شيء، فاعتمادنا الأكبر على ما يتوفر في مناطق النظام، ومتطلبات المجتمع الثقافي في المحرر لا تتوافق مع الكتب المتوفرة لدى النظام، لذلك نسعى في طباعة الكتب غير المتوفرة وتأمينها ورفع السوية الثقافية لدى الناس.”
ولم يتوقف دور المكاتب على إعادة نشر الكتب الأصلية، إنما أخذت تنشر كتبَ كُتَّاب مبتدئين لم تسمح لهم الظروف بنشرها بدور نشر أساسية .
(نور الدين سليمان) كاتب مُبتدِئ من مدينة إدلب لم يصدر كتابه الاول (كما أنتِ) في دار نشر أساسية، بل نشره في إحدى مكتبات إدلب، حيث وضح السبب قائلاً: “لا يوجد في المحرر دار نشر أساسية، ولم أستطع إصدار كتابي في دور النشر الموجودة في مناطق النظام، فالسعر مختلف وإمكاناتي المادية لا تسمح لي، فقد تواصلت مع دار نشر (إستانبولي) بحلب وكان شرطها أن تنسخ ٥٠٠ نسخة على الأقل بسعر غالٍ جدًا يتجاوز حدود ميزانيتي”.
وأضاف (نور): “لجأت إلى مكتبة محلية في مدينة إدلب تعمل على نشر الكتب وبيعها، ووضعت كتابي عندها وأخذت حقوق نشره لتصدر منه نسخًا كل مدة مع تكاليف مادية مقبولة”.
أما عن القراء، فلم يجدوا أي مانع في اقتناء كتب ذات نسخ محلي، وإن كانت جودتها أقل.
(ريم طالبة) طب سنة ثانية، اعتادت على شراء الكتب من المكاتب المحلية، وأكدت لحبر أن “نُسخ الكتب المحلية جيدة ومناسبة وسعرها أقل من الكتاب الأساسي يناسب دخلها المادي نوعًا ما، ورغم ذلك تتمنى أن تحصل على نسخة كتاب أساسية”.
وتشهد مكتبات إدلب حركة جيدة رغم الحرب والظروف الاقتصادية التي أنهكت المدنيين، لكن تبقى للكتابة والقراءة مكانة مرموقة في قلوب عشاقها.