بقلم : رئيس التحريرقرأنا قديمًا عن ملوك الطوائف في الأندلس، وأحزننا أنْ نجدَ في تاريخنا بقعةً سوداءَ ممتدةً على جزءٍ من الرداء الأندلسي الأبيض، فسكبنا الشتائم على رؤوس أولئك الملوك، وحرّضنا عليهم صبياننا ليلاحقوهم في كتب التاريخ ويبصقوا عليهم، وحمّلناهم جريمة ضياع الأندلس، وشكوناهم إلى الله، ووددنا لو أنّهم مُثّلوا أمامنا لنصلبهم في ساحة عامة واحدًا واحدًا ليكونوا عبرةً لمن أراد أن يعتبر، ولكن عندما حدّقنا في واقعنا وفي مآسي ثورة الشام أرسلنا بطاقات اعتذارٍ إلى ملوك غرناطة وإشبيلية والمرية وبلنسية.. ذلك أنّنا فعلنا ما لم يفعلوا.بعد انهيار الدولة العامرية وإلغاء الخلافة الأموية قُسّمت تركة الأندلس على 22دويلة، كما قُسّمت كعكة الخلافة العثمانية على أصحاب الكروش بعد، وقام على كل دويلة زعيمٌ له اسمٌ يزلزل الأرض، يحكم مع أهله وذويه وأحفاده وأحفاد أحفاده وأحفاد أحفاد أحفاده، فهذه الرقعة لبني الأفطس وتلك لآل أسدون، وهذه لبني سعودوس وتلك لبني ذي النون، وهذه لبني الأحمر وتلك لبني زايدون، وهذا الحي لكتيبة فلان، وذلك القطاع للواء علّان، وهذا الريف بكامله تحت جناح فلتان.وبدأ الاقتتال على الملك والصراع على السلطان و( الترفيس ) على الدعم والعمالة، فطليطلة تعادي سرقسطة وتقاتلها، وكتيبة ( أبو الغضنفر ) تعادي كتيبة ( أبو الضراغم ) وتقاتلها، فيلجأ الطرفان إلى طلب المساعدة من عدوهما النصراني ألفونسوا، فيدخل في الصراع ويجني منه المال والقلاع، ويرسل الدابيّ والإبراهيميّ ودي مستورا للتفاوض، وألفونسوا وأمريكا والحلف الصليبي يتفرجون من بعيد على صراع الممالك- الكتائب، ويتبادلون كيس البوشار وكأس الخمر.ولم يكتفِ ملوك الطوائف بذلك بل دفعوا الجزية للملك النصراني صاغرين ضريبةً لبقائهم على كراسيهم، كما فعل حكامنا عندما أرسلوا براميل النفط إلى الغرب ليغسل بها أقدامه، وفتحوا له مقاصيرهم ليختار أجمل نسائهم، وكما فعل بشار عندما فتح أبواب الشام وقال: يا شيعة العالم اتحدوا واركبوا على ظهري وثبتوا ملكي.كانت سياسة ألفونسوا كسياسة حفيديه بوش وأوباما، فكلما اشتدَّ الخناق عليه قرع النواقيس وجمع الباباوات وأعلنها حربًا على الإسلام، فاقتحم طليطلة وحاصر سرقسطة وضرب العراق وشرد أهله وسرق فلسطين وباعها لليهود، وملوك العرب- ملوك الطوائف مشغولون بإشباع ملذاتهم.طلبت أمريكا من حكامنا شيئًا فأعطوها كلَّ شيء، طلبت برميلَ نفطٍ فقدموا لها بئرًا، طلبت امرأةً فقدموا لها سربًا من النساء، وعندما طلب ألفونسوا من ملك إشبيلية المعتمد بن عباد الجزية وأن يسمح لزوجته الحامل أنْ تضعَ مولودها في الجامع الكبير، انتفض ابن عباد ورفض الصَّغار وقتل وزير ألفونسوا وهدده.أما حكّامنا فقد قالوا لألفونسوا: ” إن شئتَ جعلناها تضعُ في ظلِّ الحرم ” ثم ضربوا على صدورهم وقالوا ” تكاليفُ الولادة ( نقوط ) علينا”. أما قوّاد كتائبنا فقد سألوا ألفونسوا: كم ستدفع؟وعندما اشتد خطر النصارى اجتمع ابن عباد بملوك الطوائف وعرض عليهم طلب المساعدة من يوسف بن تاشفين، فقام بعض علماء السلطان وقالوا” لا طاقةَ لنا على لقاء ألفونسوا وجنوده، وليس هذا وقت الحرب، أتريد أن تجمع نصارى العالم علينا؟ اترك المواجهة لمن سيأتي بعدنا” وقال آخر:” إنَّ ابن تاشفين إنْ دخل علينا سرق الممالك وأعلن نفسه أميرًا، ثم إنه يُصنّف مع المعارضة غير معتدلة ” فقام ابن عباد خطيبًا وقال: ” واللهِ لأنْ أرعى الإبل في المغرب خيرٌ من أن أرعى الخنازير عند ألفونسوا” ثم قام بشار الأسد وقال ” لأن أغسلَ مراحيضَ الحُسينيّات في طِهران أحبُّ إليَّ من أن أجلسَ في جامع بني أميةَ بلا سلطان” ثم قام صعلوك وقال ” لأن ألعق أحذية النصارى في الكونغرس أحبُّ إلى قلبي من ألا أكون مليك شعبي الأوحد” ثم قام قائد كتيبة أحفاد ملوك الطوائف وقال :” لأن أقبض 1000$ عميلًا أحبُّ إليّ من أن أكون شريفًا بجيب فارغ”اتفق ملوك الطوائف على الاستنجاد بابن تاشفين الذي دخل الأندلس وخاض معركة الزلاقة وسحق بها ألفونسوا الذي ظن أن جيشه يستطيع أن يحارب الإنس والجن وملائكة السماء .أما حكامنا وقواد كتائبنا فما زالوا يجمعون المعلومات ويبحثون عن الوثائق التي تثبت أن ابن تاشفين شبيح لا يريد غير الملك والسلطان.